فقال الحسن: أصبت. ثم قيل له: ما تقول في امرأة لها حليل؟ فقال الفرزدق: ألم تسمع قولي:
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلالا لمن يبني بها لم تطلّق «١»
فقال الحسن: أصبت. فقال الفرزدق: كنت أراني أشعر منك، فإذا أنا أفقه منك أيضا.
[وصف الكاذب بكثرة الحلف]
قيل: علامة الكاذب جوده بيمينه لغير مستحلف، ومنه أخذ المتنبّي:
وفي اليمين على ما أنت واعذه ... ما دلّ أنّك في الميعاد متّهم «٢»
وقال المنصور لعمر بن عبيد: بلغني أن كتاب محمد بن عبد الله الدارمي ورد عليك، فقال: قد ورد له كتاب وما قرأته وأنت تعلم رأيي في الخوارج، فقال له: طيّب نفسي بخلعة، فقال: لا تسمني فإني إن كذبتك تقية لأحلفن تقية.
[القليل المبالاة بالحلف]
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: ومن لم يحلف على ماله فلا مال له وادّعى رجل على المأمون مالا فاستحضر قاضيه يحيى بن أكثم فاستحلفه فحلف، ثم أمر للمدعي بما ادعى عليه، فقيل له في ذلك، فقال: حلفت له لئلا يجعل إتقاي ذريعة إلى أن يدعو عليّ، وبذلت المال لئلا يظن أحد أني حلفت لمبالاتي بهذا المال.
وادّعى رجل على عمر ما لم يلزمه فحلف له واستحلف أبيّ بن كعب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فحلف كراهة أن يجعل الناس ترك الإيمان مع معرفتهم بالبراءة سنة، فدخل ذلك في شدة الورع.
واستحلف عمرو ابن عبيد على درهم ادعاه عليه بعض من أراد عنته، فقال حفص بن سالم: نعطيه نحن ونعفيك منه ونرفع قدرك عن مطالبة مثله، فقال: ما أكره أن أحلف على حق وما كنت لأعينه على معصية. وادعى رجل على عثمان رضي الله عنه مالا واستحلفه فأبى واتقاه بدعواه، فقيل له: هلّا حلفت إذ كان مبطلا، فقال: خشيت أن يوافق حلفي قضاء، فيقال إن ذلك أصابه لجراءته على الحلف.
قال المتنبّي:
وفاعل ما أشتهي يغنيه عن حلف ... على الفعال حضور الفعل والكرم «٣»