للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قلة اليقين إنك تخيّر يوما عن خير الدنيا بالسّيئة طمعا في الربح طفيف ربح مع ما فيه من الخطر وتأبى أن تقرض الله درهما بثمانمائة مع زعمك وقولك إنّ مستقرضه مليّ وفيّ.

ترغيب الله تعالى عباده في جنّته

قال الحسن: إن الله دعا كل قوم إلى الجنة، فقال للعرب يشوّقهم ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا لما كان أحب لأشياء إليهم ذلك، وقال للفرس يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيه حرير لما كان أحب الأشياء إليهم ذلك. وقيل: إنما ذكر الله تعالى درجة الخائفين ولم يذكر درجة المحبين، لأن القلوب لا تحتمل ذلك، كما أمسك عن ثواب النبيين وأظهر ثواب المتقين، فقال في النبيين وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ...

«١» الآية وأظهر ثواب المتقين فقال وإن للمتقين لحسن مآب. ومثال ذلك إن الشيء إذا عظم ثوابه لم يذكر مفصلا كصوم رمضان والزكاة. وقال: فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين.

وقال: ولدينا مزيد. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وذكر الثواب في إماطة الأذى عن الطريق وعيادة المرضى ونحو ذلك.

[فضيلة العبادة مع العلم]

قال الله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

«٢» وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد. وقال الحسن: أدركت قوما من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقولون من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه.

ذمّ الورع مع الجهل

روي عن أمير المؤمنين أنه قال: قصم ظهري رجلان، جاهل متنسك وعالم متهتك.

وروي عن الحسن: قسم ظهري عالم لا زهد معه وزاهد لا علم معه، هذا يدعو إلى جهله بزهده وهذا ينفر عن علمه بحرصه. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: يكون في آخر الزمان قراء فسقة وعباد جهلة، وركعة من عالم أفضل من سبعين ركعة من عابد لا علم معه وكان لأبي سعيد الخراز ابن فمات فرآه في المنام، فقال: يا ولدي أوصني، فقال: يا أبت لا تعامل الله على الحمق، فقيل لإبراهيم، فقال: نعم لأنه لم يلبس القميص ثلاثين سنة. وقيل لأنوشروان: أي الناس أولاهم بالسعادة؟ فقال: أقلهم ذنوبا، قيل: ومن أقلهم ذنوبا؟ قال: أكملهم عقلا.

ذمّ متحامق رقيع في ورعه

حلق صوفيّ لحيته وقال: إنها نبتت على المعصية. ولطّخ رقيع شاربه بالعذرة فقيل له في ذلك، فقال: أردت التواضع لله. وأذّن مؤذن فقال: أشهد أن أبا القاسم رسول الله، وقال النبي: عندنا أعظم من أن نسميه ولا نكنيه. ورأى ابن أبي ليلى رجلا قد أخذ رمانة

<<  <  ج: ص:  >  >>