وقيل للجاحظ: لم خذلت ابن الزيات «١» وهربت منه لمّا أصابته المحنة؟ فقال:
خفت أن يقال ثاني اثنين إذا هما في النار وذلك أنّ ابن الزيات عوقب في تنور من حديد حتى مات. وفي الأخوانيات وذكر الأقارب أبواب تليق بهذا الفصل.
[(٢) ومما جاء في الأخلاق الحسنة والقبيحة]
الحثّ على حسن الخلق ومدح ذلك
قال الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
«٢» قيل ما عفا لك من محاسن أخلاق الناس وقال تعالى: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
«٣» وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ويقارب ذلك ما قيل لفيلسوف، هل من جود يتناول به الخلق فقال: نعم أن تحسن الخلق وتنوي لكل أحد الخير. وقال صلّى الله عليه وسلم: إنّ أحبّكم إليّ أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا «٤» الذين يألفون ويؤلفون وقال صلّى الله عليه وسلم: حرّم الله النار على كل هين، لين سهل قريب. وقال لأبي الدرداء: ألا أدلك على أيسر العبادة وأهونها على البدن.
قال: بلى يا رسول الله فقال: عليك بالصمت وحسن الخلق فإنك لن تعمل مثلهما. وقيل:
في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق. وقال مكحول: المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قدته إنقاد وإن أنخته «٥» على صخرة استناخ، قال شاعر:
ما لم يضق خلق الفتى ... فالأرض واسعة عليه
وقال آخر:
لو أنني خيّرت كلّ فضيلة ... ما اخترت غير مكارم الأخلاق
[الممدوح بحسن الخلق]
سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلّى الله عليه وسلم فقالت: أو ما تقرؤن القرآن: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ