قال بعض الحكماء: قبيح للرجل أن يركب الفرس فيكون الفرس هو الذي يدبر الفارس، وأقبح من ذلك أن تكون هذه النفس التي ألبسناها هي التي تدبرنا لا نحن ندبّرها.
قال شاعر:
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى ... إلى بعض ما فيه عليك مقال
وقال أبو العتاهية:
إذا طاوعت نفسك كنت عبدا ... لكلّ دنيئة تدعو إليها
وقال عبيد العنبري:
يعدّ الفتى أعداءه وصديقه ... ونفس الفتى أعدى عدوّ يحاوله
وقال آخر:
إذا المرء لم يترك طعاما يحبّه ... ولم ينه قلبا غاويا حيث يمّما «١»
قضى وطرا منه وغادر سبّة ... إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
وقال آخر:
وأنت إذا أعطيت فرجك سؤله ... وبطنك نالا منتهى الذمّ أجمعا
وقد مضى بعض ذلك في موضع آخر.
[النفس تنبسط إذا بسطت وتنقدع إذا قدعت]
قال منصور بن عمار: عود نفسك الخير فإن النفس عروف ألوف، واعتبر أنك إذا أصبحت مفطرا طمعت في الغداء وإذا أصبحت صائما يئست منه. قال أبو ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع
وقال بعضهم: لا تحدث نفسك بالفقر وطول البقاء ولكن حدثها بالكفاف والفناء، قال أبو العتاهية:
إقنع لنفسك ترضها ... واملك هواك وأنت حرّ
وقال آخر:
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن طمعت تاقت وإلا تسلّت «٢»
مدح قادع نفسه عن الشّهوات
قد مدح الله قادع نفسه عن الشهوات، فقال: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ