للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الخورنق والسّدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد

وبناء الإسكندرية وقد ذكره النابغة في قوله:

وخيّس الجنّ إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفّاح والعمد

وكان المنصور تقدّم بهدم إيوان كسرى، وحمل نقضه إلى مدينة السلام. فقال له خالد: لا تهدم بناء دلّ على فخامة قدر بانيه الذي غلبته وأخذت ملكه، فتعجز عنه فيدلّ ذلك على عجز منك، فقال: هذا الميل منك إلى المجوس، وأمر بهدمه فعجز عنه، فقال: يا خالد صرنا إلى رأيك، فقال: الآن أشير أن لا تكفّ عنه. فإن الهدم أيسر من البناء. ويتحدث الناس أنك عجزت عن هدم بناء بناه عدوّك.

وقال المأمون لما سمع هذا: قد حبّب إليّ هذا الخبر، أن لا أبني بناء يعجز عن هدمه.

والهرمان قيل كل هرم سمكه أربعمائة في الهواء مبنية بحجارة المرمر والرخام، وغلظ كل حجر وطوله ما بين عشرة أذرع إلى ثمان أذرع، مهندم لا يستبين مسّاده إلا حادّ البصر، عليها منقور كل عجب من الطب والطلاسم ومكتوب عليه: إني بنيتها فمن ادّعى قوة في ملكه فليهدمها، والهدم أيسر من البناء. وأراد بعض الخلفاء هدمها فإذا خراج مصر لا يقوم به فتركها.

وفي الخبر أن الإسكندرية بقيت مدة لا يدخلها، أحد إلا على بصره خرقة سوداء من بياض جصّها وبلاطها، وقيل بنيت في ثلاثمائة سنة، وكان فيها ستمائة ألف من اليهود خولا لأهلها.

[اختيار بلد دون بلد]

قيل: لا تقيموا ببلد ليس فيها نهر جار وسوق قائمة وقاض عدل. وقيل: لا تبنى المدن إلا على الماء والمرعى والخصب.

[مدح الدور الواسعة]

مر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ببناء يبنى، فقال: أوسعوه. وقيل: خير المنازل ما سافر فيه البصر وأترع فيه البدن. وقال يحيى بن خالد لابنه جعفر: تريد أن تبني دارك فاعلم أنّ عمرانها عمران قليل وخرابها خراب قليل، فاستوسع فإن الهمّة مع السعة. وقال: دارك قميصك فإن شئت فوسّعها وإن شئت فضيّقها.

وسئل بعضهم ما الغنى؟ فقال: سعة البيوت ودوام القوت. وقيل لآخر: ما السرور؟

فقال: دار قوراء «١» وامرأة حسناء، ويسار مع طول البقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>