الموثر الموت في العز على الحياة في الذلّ
هيم إلى الموت إذا خيّروا ... ما بين تبعات وتقتال «١»
ولما وقعت الهزيمة على مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية أهاب بالناس ليرجعوا فلم يلووا فانتضى سيفه وقاتل قتال مستقتل، فقيل له: لا تهلك نفسك ولك الأمان. فتمثل بأبيات قالها الحسين رضي الله عنه يوم قتل وهي:
أذلّ الحياة وذلّ الممات ... وكلّا أراه طعاما وبيلا «٢»
فإن كان لا بدّ إحداهما ... فسيري إلى الموت سيرا جميلا
وقال أبو تمام:
يرى العلقم المأدوم بالعزّ أرية ... يمانيّة، والأري بالذلّ علقما «٣»
وقال المتنبّي:
فأطلب العزّ في لظى وذر الذ ... لّ ولو كان في جنان الخلود «٤»
وقال الموسوي:
فعاف المنايا وامتطى الموت شامخا ... بمارن أنف لا يذلّ لخاصم «٥»
وقال منصور بن باذان:
فعش ما تعيش عزيز البقاء ... فعزّك خير وإن قيل بل
فطول الحياة على ذلّة ... لعمرك عندي حياة السفل
وكلّ مساع له همّة ... من النّاس إلا قصير الأجل
النهي عن مخافة القتل والحثّ على تصوّر الموت والتمدّح بذلك
قيل لعلي رضي الله عنه: أتقاتل أهل الشأم بالغداة وتظهر في العشيّ في ثوب ورداء؟
فقال: أبالموت أخوّف؟ والله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط الموت عليّ. وقد أحسن المتنبّي في قوله:
إذا غامرت في أمر مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم