للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنبيل المنظر سخيف المخبر، وأما الخمر فمزاج الروح وصفية النفس.

وقيل لآخر: ما تقول في الماء؟ فقال: هو الحياة ويشركني فيه الحمار، فقيل فاللبن؟

قال: ما رأيته إلا ذكرت أمي واستحييت، قيل فالخمر؟ قال: تلك السارة البارة شراب أهل الجنة.

ودعا الوليد بن يزيد شراعة من الكوفة وهو من فتيانها، فلما قدم عليها، قال: إني والله لم أدعك لأسألك عن قرآن ولا أستفتيك في سنة، فقال: لو سألتني عنهما لأصبتني فيهما ثورا، فلم دعوتني؟ قال: لأسألك عن الفتوة، فقال: أنا دهقانها الخبير وعالمها الطبيب فسل، فقال: ما تقول في نبيذ التمر قال: أشربه حتى تحر. قال فنبيذ الدن. قال: أشربه حتى تجن، قال فالدادي، قال: أحلى من الماذي، قال فنبيذ الزبيب، فستر وجهه وقال: العظمة لله، قال فالخمر، قال: لا أرى شربها، قال ولم، قال: لأني لا أؤدي شكرها.

قال أبو العيناء: النبيذ «١» - الخمر.

قال أبو نواس:

ولا تأخذ عن الإخوان لهوا ... ولا عيشا فعيشهم جديب

دع الألبان يشربها رجال ... رقيق العيش بينهم غريب

بأرض نبتها عشب وطلح ... وأكثر صيدها ضبع وذيب

إذا راب الحليب فبل عليه ... ولا تحرج فما في ذاك حوب «٢»

فأطيب منه صافية شمول ... يطوف بكاسها ساق أديب

يمدّ لك القنان إذا حساها ... ويفسخ عقد تكته الدبيب «٣»

فذاك العيش لا خيم البوادي ... وذاك العيش لا اللبن الحليب

وقال آخر:

الأشربات سوى ما كان من عنب ... داء وأي لبيب يشرب الداء

وصف الشّراب بإزالة الغّمّ

قيل لأعرابي أتحب الخمر؟ فقال: أي والله، فإنها تسرح في بدني بنورها وفي قلبي بسرورها. وقيل: لذة الدنيا في الغناء والطلاء والنساء والبناء، وجماع ذلك العافية والشباب والبقاء، ونحوه لأبي نواس:

إنّما العيش سماع ... ومدام وغلام

<<  <  ج: ص:  >  >>