وقال ابن كناسة:
يا واعظ النّاس قد أصبحت متّهما ... إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها
كمن كسا النّاس من عري وعورته ... للنّاس بادية ما إن يواريها «١»
الحثّ على الوعظ بالفعال دون المقال
قال بقراط: لا تحثّ غيرك على فعل الفضائل ما لم تستكمل فيك فأفعالك تحت على المحاسن أكثر من مقالك.
وقال أبو جعفر النيسابوريّ: ليس الحكيم الذي يلقّنك الحكمة تلقينا، إنّما الحكيم الذي يعمل العمل فتقتدى به.
وقال أبو هاشم: أخذ المرء نفسه بحسن الأدب تأديب أهله. ومن هذا قول محمود الورّاق:
رأيت صلاح المرء يصلح أهله ... ويعديهم داء الفساد إذا فسد
وقال عديّ:
ونفسك فاحفظها من الغيّ والرّدى ... متى تغوها تغو الذي بك يقتدي «٢»
التلطّف والملاينة في الوعظ
قيل: تصدّى رجل للرشيد، فقال: إني أريد أن أغلظ عليك لي في المقال، فهل أنت محتمل؟ قال: لا، لأن الله تعالى أرسل من هو خير منك إلى من كان شرا منّي، فقال: فقولا له قولا لينا لعلّه يتذكر أو يخشى.
وقيل: الواجب لمن يعظ أن لا يعنّف ولمن يوعظ أن لا يأنف.
الحثّ على الاتعاظ
قيل: من قلّ اعتباره قلّ استظهار من لم يتعظ بغيره وعظ الله به غيره. وقال حكيم:
السعيد من وعظ بغيره والشقيّ من وعظ به غيره. وقيل: يا لها من موعظة لو وافقت في القلوب حياة.
النّهي عن وعظ من لا يتّعظ
وقيل: وعظ من لا يعيرك سمعه، ولا يشحذ وعظك طبعه كمن وضع مائدة لأهل القبور، ورام بخرقة تليين الصخور.
وقيل: فلان في وعظه كنافخ في قفص وقاصّ في مقبرة.