وقال ابن قدامة: البلاغة ثلاثة مذاهب: المساواة، وهي مطابقة اللفظ والمعنى لا زائدا ولا ناقصا. والإشارة وهي أن يكون اللفظ كاللمحة الدالّة والتذييل وهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد، ليظهر لمن لم يفهمه، ويتأكد عند من فهمه. وقال شاعر:
يكفي قليل كلامه وكثيره ... ثبت إذا طال النّضال مصيب
وأمر يحيى بن خالد كاتبين أن يكتبا في معنى، فأوجز أحدهما وأطال الآخر، فقال للموجز، لمّا نظر في كتابه: لم أجد موضع مزيد. وقال للمطيل: لم أجد موضع نقصان.
وقال جعفر بن يحيى: إذا كان الإيجاز كافيا كان الإكثار هذرا «٢» ، وإذا كان التطويل واجبا كان التقصير عجزا «٣» .
[استقباح إعادة الحديث]
قيل: الحديث الرجيع «٤» كالحدث والرجيع. وقيل: إذا أعيد الحديث ذهب ضوؤه ورونقه. قال ابن السماك لجارية له تصغي إلى كلامه: كيف تجدين كلامي؟ قالت: ما أحسنه إلا أنك تكثر ترداده قال إنما أردده ليفهمه من لم يفهمه قالت إلى أن يفهمه من لم يفهمه ملّه من قد فهمه. وقيل لرجل يعيد كلاما لغبي: قد ثقل كلامك على الذكيّ قبل حصوله في قلب الغبي.