قيل: لا تستصغرّن أمر عدوك إذا جاريته لأنك إن ظفرت به لم تحمد وإن ظفر بك لم تعذر.
الضعيف المحترس من العدوّ القوي أقرب إلى السلامة من القوي المغتر بالعدوّ الضعيف.
وقيل: العدو المحتقر ربما اشتد كالغصن النضر بما صار شوكا، وقيل: لا تأمنن العدوّ الضعيف إن تورطك فالرمح قد يقتل به وإن عدم السنان والزجّ «١» ، قال شاعر:
لا تحقرّني فربّما نفذت ... في ردم يأجوج جيلة الجرذ «٢»
قال الموسوي الفيل يضجر وهو أعظم ما رأيت من البعوض. وفي المثل إذا عز أخوك فهن وإذا لم تغلب فاخطب. لا يتقى العدو والقوي بمثل الخضوع واللين فمثل ذلك كمثل الريح العاصف، تقلع الأشجار العظام لتأبّيها عليها، ويسلم منها النبات اللين لتمايله معها، قال سليمان بن وهب:
غرّك الدهر بما تهوى فهن ... وإذا ما أخشن الدّهر فلن «٣»
لا تعاسره وخذ ميسوره ... وتفنّن معه في كل فن «٤»
قال المأمون لأبي دلف: شد ما استحذيت للحسن بن رجاء. فقال: يا أمير المؤمنين ذلك بما وهبت له من القدرة وصحبه من حداثة الغرارة. وكانت الطاعة تعارض الانتصار منه وخفت أن يكون من قدرته ما يعنيك بي فلا أجد لذلك عوضا فسلمت قال ابن نباتة «٥» :
وإذا عجزت عن العدوّ فداره ... وامزج له إن المزاج رفاق «٦»
فالنّار بالماء الذي هو ضدها ... تعطي النضاج وطبعها الإحراق «٧»
[حمد المداجاة طلبا للفرصة]
قيل لابن القرية: ما الدهاء؟ فقال: تجرع الغصه، وتوقع الفرصة، وقيل: من تمام