للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسنة ولا يد، ويقتل الآخر بلا سيئة ولا ذنب. ولست أدري أيّ الرجلين أنا ولست أرجو منه مقدار ما أخاطر به وهو الذي قال لامرأته:

أسرّك أنّي نلت ما نال جعفر ... من الملك أو ما نال يحيى بن خالد

قالت: بلى. فقال:

وإن أمير المؤمنين أغصّني ... مغصّهما بالمرهفات البوارد «١»

قالت: لا. فقال:

ذريني تجئني منيتي مطمئنة ... ولم أتجشّم حول تلك الموارد

فإن جسيمات الأمور مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود

قال أبو القاسم الدمشقي:

إن الملوك بلاء حيثما حلّوا ... فلا يكن لك في أكنافهم ظلّ «٢»

إن جئت تنصحهم ظنّوك تخدعهم ... واستثقلوك كما يستثقل الكلّ

فاستغن بالله عن أبوابهم أبدا ... إن الوقوف على أبوابهم ذلّ

وقيل: احذر السلطان فإنه يغضب غضب الصبي ويأخذ أخذ الأسد، وقيل: إياكم والسلطان فإنه فم الأسد وحمة «٣» الأسود. واتصل رجل بالمنذر بن ماء السماء «٤» ونادمه فنهاه صديق له عن ذلك وخوّفه منه فلم يلتفت إلى قوله ولم يسمع قوله فغضب المنذر عليه يوما فقلته. فقال فيه ذلك الصديق:

إنّي نهيت ابن عمار وقلت له ... لا تأمنن أحمر العينين والشّعر

إن الملوك متى تنزل بساحتهم ... تطر بثوبك نيران من الشّرر

[التحذير من الدخول في أمر السلطان]

قيل: العاقل من طلب السلامة من عمل السلطان فإنه أن عف جنى عليه العفاف عداوة الخاصة، وإن بسط يده جنى عليه البسط ألسنة العامة. إن قال محمد بن السماك لصديق استشاره وقد دعي إلى الدخول في عمل السلطان: يا أخي إن استطعت أن لا تكون لغير الله عبدا ما وجدت من العبودية بدا فافعل. وقال عيسى بن موسى لعبد الرحمن بن زياد: ما يمنعك من زيارتي؟ قال: إن أتيتك فأكرمتني فتنتني وإن جفوتني حزنتني، وليس عندك ما أرجوه ولا عندي ما أخافك عليه. وقيل: إذا لم تكن من قربى الأمير فكن من أعدائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>