للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعددت لعيالك؟ فقال نصف مالي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ما بين الرجلين ما بين الكلمتين.

ولما استشار النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر في أساري بدر قال: قومك فيهم الآباء والأبناء والاخوان فامنن عليهم أوفادهم يستنقذهم الله بك من النار وما أخذت منهم فهو قوة للإسلام فاستشار عمر، فقال: يا نبي الله هم أعداء كذبوك وحاربوك وأخرجوك، أضرب رقابهم. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: مثل أبي بكر في الملائكة مثل ميكائيل ينزل بالرضا والغفران وفي الأنبياء بإبراهيم طرحه قومه في النار فما زاد على أن قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله، أفلا تعقلون؟ وقال: فمن تبعني فإنه منّي ومن عصاني فإنك غفور رحيم. وكمثل عيسى إذ يقول: أن تعذبهم فإنهم عبادك وأن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم.

ومثل عمر في الملائكة كجبريل ينزل بالسخط والنقمة وفي الأنبياء كنوح، حيث قال:

رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فجارا كفارا. ومثل موسى حيث قال ربنا أطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.

وقد أحسنا تأثيرهما في الولاية: أما أبو بكر رضي الله عنه فإنه لما مات النبي صلّى الله عليه وسلّم قال عمر: كيف مات النبي والله تعالى يقول ليظهره على الدين كله فقام أبو بكر فقال: أيها الناس إن الله تعالى قد نعى إليكم نبيكم وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم فقال:

إنك ميت وإنهم ميتون فسكن الناس. وتلا: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ

«١» ، ثم تلا: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ*

وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ

«٢» ثم قال: ليظهر الله دينه ويتم نوره.

وأمره في ارتداد العرب ومنعهم الزكاة معروف حيث خالف جماعة الصحابة، وقال:

لو منعوني عقالا لقاتلتهم وقال إن قبلت قولكم لا لأنقضن عرى الإسلام عروة عروة واجتهد في تجهيز جيش أسامة، وخالفه الصحابة. فقال: لو بقيت وحدي حتى تأكلني الكلاب ما أخرت جيشا. أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بإنفاذه والوحي ينزل عليه. وأما عمر رضي الله عنه فإنه فتح الفتوح ودوّن الدواوين وفرض العطية ومصّر الأمصار وجبى الفيء وبلغت خيله أفريقية وأوطأ خيله خراسان وكرمان وأزال ملك بني ساسان، ولما طعن قيل له: ألا تستخلف؟ فقال أن أترك، فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله وإن استخلف فقد استخلف خير مني يعني أبا بكر.

[عثمان رضي الله تعالى عنه]

كان يلقب ذا النورين، وكان ختن النبي صلّى الله عليه وسلّم على ابنتيه. قتل يوم الأربعاء لعثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وقيل: إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>