وقال بعضهم: إذا كان لك أخ صافي الودّ فلا تتمنّى له منزلة، ففي ذلك تغيّر له عن الوداد.
قال شاعر:
وكلّ إمارة إلا قليلا ... مغيّرة الصديق عن الصديق
وقال آخر:
إذا ما أردت وداد امرئ ... فلا تدعونّ له بارتقاء
* نهي من بلغ صديقه منزلة من التدلّل عليه
قال منصور:
إذا رأيت امرأ في حال عسرته ... صافي المودّة ما في ودّه وغل «١»
فلا تمنّ له حالا يسّر بها ... فإنّه بانتقال الدهر ينتقل
قيل: لا تنظر إلى صديقك إذا بلغ منزلة بعينك الذي نظرت إليه بها قبل، وإذا جعلك أبا فاتخذه ربّا. وقيل: ذو الحرمة ملوم على الإفراط في الدالة كما أن المحترم له ملوم على تناسي المودّة والحرمة.
وقال أبو عباد يوما لأبي بكر المقري: إيّاك والدالّة في غير مكانها فنحن بالليل إخوان وبالنهار ذوو سلطان. فرط الادلال يدعو إلى الملال.
* مدح من لم يتغيّر لمنزلة نالها
فتى زاده السلطان في الحمد رغبة ... إذا غيّر السلطان كلّ خليل
وقال الموسوي:
وغيري إذا ما طار خلّف صحبه ... دوين المعالي واقعين وحلّقا
ولما بشّر هشام بالخلافة سجد من حوله شكرا لذلك، غير الأبرش الكلبي فقال له هشام: ما منعك أن تسجد معي؟ قال: إني معك ليلا ونهارا وغدا ترقى إلى السماء فتنكرني. قال: بل أصعد بك، فقال: أما الآن فإني أسجد عشرين سجدة.
* مدح من نزّه إخوانه عن استخدامهم في سلطانه
كان هشام يعتمّ فقام إليه الأبرش ليسوّي عمامته، فقال: مه «٢» فإنّا لا نتخذ الإخوان خولا «٣» .
وقام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بنفسه فأصلح سراجه، فقال واحد من جلسائه: ألا أمرتني، فكنت أكفيك. قال: ليس من المروءة أن يستخدم الرجل جليسه.