للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقات الطّعام المحمودة والمذمومة

سئل طبيب أي أوقات الطعام أحمد، قال: أما من قدر فإذا جاع، ومن لم يقدر فإذا وجد.

[الغداء والعشاء]

قيل: العشاء متخمة وتركه مهرمة، وقال بقراط: من تعوّد العشاء ثم تركه التبس عليه طبعه. وقال عمر رضي الله عنه لابنه: لا تخرج يا بنيّ من منزلك حتّى تأخذ حلمك يعني حتى تتغدى.

دعا الحجّاج رجلا إلى غدائه. فقال: قد أكلت، فقال له الحجاج: إنك لتباكر الغداء، فقال الرجل: لخلال ثلاث إن نوجيت لم يوجد من فمي خلوف، وإن شربت شربت على ثفل، وإن حضرت قوما أكلت ومعي بقية من عرضي.

وقيل: خبر الغداء بواكره فقيل: أمحمود ذلك في كل وقت؟ فقال: نعم إذا كان شتاء فلطول الليل وإذا كان صيفا فلبرد الماء وقلّة الذباب. واستدعى رجل الغداء، فقيل له:

اصبر حتى تطلع الشمس فقال: أنتظر بغدائي قادما من وراء خراسان. وقيل: خير الغداء بواكره وخير العشاء سوافره، أي أن تأكل وعليك ضوء.

وسأل رجل الحسن عمّن يأكل مرة، فقال: أكل الصالحين، فقيل: مرتين. فقال غداء وعشاء أكل التجّار، فقيل: ثلاث مرات، فقال: ذاك حمار يبنى له آريّ «١» .

ذمّ الشّبع والإكثار من الأكل وحمد الإقلال منه

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إياكم والبطنة فإنها مفسدة للبدن مورثة للسقم مكسلة عن العبادة.

وقال صلّى الله عليه وسلم: الرغب شؤم، وقيل: الموت جوعا خير من الحياة شبعا. وقال ذو الرياستين: ما عجبت لإتفاق الأطباء على ثلاث كلمات، قال طبيب الروم: كل قليلا ولا تكن عليلا.

وقال طبيب فارس: كل قصدا لا تلق من الكظّة جهدا، وقال طبيب الهند: كل قدرا لا تضيق به صدرا.

وقيل: صحة الجسم قلة الطعم، وصحة الروح اجتناب الإثم. وجاء رجل إلى أبي مسلم فقال: أعطيك دواء تأكل معه ما شئت فلا يضرّك، فقال: لا حاجة لي فيه فقبيح بالإنسان أن يدخل المستراح في كل يوم أكثر من مرة، وقبيح به أن يحن في الشهر أكثر من مرة.

وقال الخليل: أثقل ساعاتي ساعة آكل فيها. وقال مالك بن دينار: وددت أن رزقي حصاة أمصها فقد ضجرت من كثرة تردادي إلى الخلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>