للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمان يبطىء في غسل اليدين ويقول: يجب أن تكون مدته مدة زمان الأكل.

ذكر الله على الطّعام قيل: إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل، إذا كان حلالا وكثرت عليه الأيدي وسمّي الله في أوله وحمد في آخره. وقال طاوس: من سمّى الله على طعامه لم يسأله عن نعيمه.

وقيل: ذكر الله على الطعام شفاء يبرىء من الداء، وذكر الناس داء لا يقبل الشفاء.

وقيل: إذا أكلتم فسمّوا وأدنوا، أي أذكروا الله وكلوا مما بين أيديكم.

وكان ابن عباس إذا وضع الطعام يقول: بسم الله عنّي وعن كل آكل معي. وكان سعيد بن جبير إذا فرغ من الطعام يقول: اللهم قد أشبعت وأرويت وطيبت فهنئنا برحمتك.

وقال بعض القصاد: يا معشر الناس إن الشيطان إذا سمّي الإنسان على الطعام والشراب لم يأكل معه، فكلوا خبز الذرة والمالح ولا تسمّوا ليأكل معكم، ثم اشربوا الماء وسمّوا الله حتى تقتلوه عطشا.

حمد الأكل من جانب الصّحفة وعذر ذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن البركة تنزل في وسط الصحفة فكلوا من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها. وقال أنس بن مالك: كل بيمينك وتناول مما يليك. وأكل أعرابي مع بعض السلاطين، فقال: كل ممّا يليك، فقال: رأيت جانبك أمرع ومن أجدب انتجع. وأكل أعرابيان على مائدة، فمدّ أحدهما يده، فقال له الآخر: كفّ يدك، فإن لك في ما بين يديك مقنعا، فقال: إني من قوم إذا أجدبوا انتجعوا، فقال له: ويلك وهل على مائدة أمير المؤمنين جدب، ثم مد الآخر يده، فقال له صاحبه: كفّ يدك، فقال: إني من قوم إذا أخصبوا تخيّروا فاستحسن عبد الملك كلامه، وأمر له بصلة.

وأكل أعرابي من بني عذرة مع معاوية، فمدّ يده إلى ثريدة بين يدي معاوية، فقال معاوية: أخرقتها لتغرق أهلها، فقال الأعرابي: ولكن سقناه إلى بلد ميت، فضحك معاوية وأمر له بجائزة. وكان أبو علي بن حمدون في مجلس وعند القوم نقل «١» فمد يده إلى ما بين يدي صديق له، فقيل له: ما تفعل؟ فأنشد:

وأحيانا على بكر أخينا ... إذا ما لم نجد إلا أخانا

وكان الهائم الشاعر على مائدة عليها جدى فجعل يجرّ الجدي الذي كان يليه ولم ينجر، وكان الجانب الذي عليه اللحم يلي قوما آخرين، فقال:

ففينا غواشيها وفيهم صدورها

<<  <  ج: ص:  >  >>