وإذا جفوت قطعت عنك وسائلي ... والدر يقطعه جفاء الحالب
تواطأ أبو دلامة مع أمّ دلامة على أن يأتي هو المهدي فينعيها، وتأتي على الخيزران فتنعيه. فأتى أبو دلامة المهدي وهو يبكي، وأنشد:
وكنّا كزوج من قطا في مفازة ... لدى خفض عيش مورق ناضر رغد «١»
فأفردنا ريب الزمان بطرفه ... ولم نر شيئا قط أوحش من فرد
فقال له: ما بالك؟ فقال: ماتت أم دلامة وإني لاحتاج إلى تجهيزها فأطلق له مالا.
وأتت أم دلامة الخيزران وقالت: إن أبا دلامة مضى لسبيله، فاغتمّت وأمرت لها بمال وأعطتها ثيابا وطيبا. ثم لما دخل المهدي على الخيزران قالت له يا أمير المؤمنين: إن أبا دلامة مضى لسبيله أبقى الله أمير المؤمنين، وأمّ دلامة كانت عندي الساعة فأعطيتها التجهيز لزوجها. فقال المهدي: إن أم دلامة مضت لسبيلها وكان عندي أبو دلامة الساعة وأعطيته نفقة تجهيزها، فعلما أنهما احتالا فضحكا واستدعياهما وخوّلاهما شيئا وضحكا منهما.
وقال رجل لآخر: لو مت أنا ما كنت تفعل؟ قال: كنت أكفنك وأدفنك، قال:
فاكسني الساعة ما تكفنني به وإذا متّ فادفني عريانا.
من عرّض بسؤاله أو تلطّف فيه
أكل شعبة مع زياد وهو يتأمله وكان يأكل أكلا ذريعا «٢» ، فقال له زياد: كم لك من الولد؟ فقال: تسع بنات أنا أجمل منهن وهن آكل منّي، فقال: ما أحسن ما استعطيت لهن فأثبتهن في العطاء.
ساير رجل بعض الولاة، فقال له الوالي: ما أهزل برذونك، فقال: يده مع أيدينا، فوصله. عرض عمرو بن الليث عسكره فمرّ به رجل تحته دابة مهزولة، فقال: أتأخذون المال وتسمنون به فقاح «٣» نسائكم، فقال: أيها الأمير لو نظرت إلى فقحة امرأتي لوجدتها أهزل من كفل دابتي، فضحك منه وأمر له بزيادة عطائه.
وكان لأبي الأسود جبّة خزّ قد تقطّعت، فقال له معاوية: ما تملّ لبسها؟ فقال: ربّ مملول لا يستطاع فراقه، فأمر له بمال. قال أبو جعفر الورّاق للصاحب: إن جرذان داري يمشين بالعصار هزالا، فقال: بشّرهن بمجيء الحنطة. وكان أبو الحسن الورّاق قصد سيف الدولة في جملة الشعراء فناوله درجا يوهم أنه شعر له، فنشره سيف الدولة، فقال: ليس فيه شيء مكتوب، فقال: سيدنا يكتب فيه لعبده، فضحك وأمر له بمال.