[طيب مجالسة الإخوان ومحادثتهم]
قال شبيب بن شبة: لم يبق من لذات الدنيا إلا أربعة مجالسة الإخوان ومناسمة الولدان وملامسة النسوان ومداولة الكاس مع الندمان. قيل لبعضهم: ما بقي من لذتك، فقال: محادثة الإخوان في الليالي القمر على الكثبان العفر.
وقيل لبعضهم: تمنّ، فقال: وجه حبيب ومغن مصيب وساق أريب ونديم لبيب.
وقيل لآخر: ما العيش؟ فقال: لون مشبع ومغن ممتع وكاس مترع ونديم مقنع. وقيل:
مجالسة أهل الفضل ذكاء العقل.
[إيثار محادثة الإخوان على غناء القيان]
قال علي بن الجهم:
شهدتها وفتية أخيار ... لهوهم الإسمار والأشعار
وملح تقدح منها النّار ... بمثلهم يعاقر العقار «١»
وقال ابن المعتزّ في مدح ذلك:
بين أقداحهم كلام قصير ... هو سحر وما سواه كلام
إيثار التفرّد بالشّراب وذمّه
قال أبو نواس في ذلك:
خلوت بالرّاح أناجيها ... آخذ منها وأعاطيها
شربتها صرفا على وجهها ... وكنت حاسيها وساقيها
وقال العطوي:
أخطب لكاسك ندمانا تسرّبه ... أو لا فنادم عليه حكمة العنب «٢»
وقال آخر:
يئست من الألى أقبلت أسعى ... إليهم، إننّي رجل يؤوس
[التناهد]
قال شاعر:
ما العيش إلا للمناهدينا ... مؤنة قضت على عشرينا «٣»
ولو تفرّدنا بها خرينا