وقيل: لا ينجع الوعظ في القلوب القاسية، كما لا يزكو البذر في الأرض الجاسية «١» .
وقيل: صقلك سيفا ليس له سنخ تعب، وبذرك أرضا سبخة «٢» نصب.
وقيل: من استثقل سماع الحقّ فهو للعمل به أكثر استثقالا.
الحثّ على قبول وعظ من ليس بمتعظ
قال بعضهم: لا يمنعنّكم سوء ما تعلمون منّا، أن تعملوا بأحسن ما تسمعون منّا.
ووقف رجل على ابن عيينة وهو يعظ النّاس فأنشده:
وغير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض
فأنشده ابن عيينة:
إعمل بعلمي وإن قصّرت في عملي ... ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مروا بالمعروف، وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه.
وما أحسن ما قال يوسف بن الحسين الرازي في دعائه: اللهمّ أنك تعلم أنّي نصحت للناس قولا، وخنت نفسي، فهب خيانتي لنفسي لنصيحتي للناس.
النّهي عن الاقتداء بذوي الزّلات
قال المعتمر بن سليمان: إيّاك والاقتداء بزلّات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: فلان شرب النبيذ، وفلان سمع الغناء، وفلان لعب بالشطرنج، فيخرج منك فاسق تام.
وقيل: من أخذ برخصة كلّ فقيه خرج منه فاسق.
كراهية تولّي الفتيا «٣» والجلوس للنّاس
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار.
وقال صلى الله عليه وسلم: من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض. وقيل لحاتم الأصم: ألا تجلس لنا في الجامع؟ فقال: لا يجلس في الجامع إلا جامع، أو جاهل، ولست بجامع ولا أحب أن أكون جاهلا. وفي أخرى لا يتصدّى إلا فائق أو مائق ولست بالفائق.
وقال الحسن رضي الله عنه: إنّ خفق النعال خلف الرجال لا يثبت قلوب الحمقى.
ونظر عمر رضي الله عنه إلى أبيّ بن كعب، وقد تبعه قوم فعلاه بالدرّة «٤» ، وقال:
إنها فتنة للمتبوع ومذلّة للتابع.