للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن جسيمات الأمور مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود «١»

[مدح الخمول مع الغنى]

قيل لحكيم: من أنعم الناس عيشا؟، فقال: من اتسعت مقدرته وقصرت همته. وقال عبد الملك لأعرابي: تمنّ. فقال: العافية والخمول فإني رأيت الشر إلى ذي النباهة أسرع، فقال: ليتني كنت سمعت هذه الكلمة قبل الخلافة.

وقيل لسعد: أرضيت أن تكون مشغولا بأغنامك والناس يتنازعون الملك، فقال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إن الله يحبّ الغني التقي الخفي، قال البريدي:

وما العيش إلا في الخمول مع الغنى ... وعافية تغدو بها وتروح «٢»

قال بعضهم: جرّبنا العيش فوجدنا أهنأه أدناه. وقال محمد بن زبيدة: أتروني لا أعرف الإيراد والإصدار، ولكنّ شرب كأس، وشم آس، واستلقاء من غير نعاس أحب إليّ من مداراة الناس.

مدح التوسّط في الأمور

مدح الله تعالى التوسّط في كلّ الأمور، فقال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ

«٣» ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: خير الأمور أوساطها. وقيل: الغلوّ في العلو مؤد إلى وضع الضعة. وقيل: أكثر الخير في الأوساط.

قال أبو العتاهية:

عليك بأوساط كل الأمور ... وعد عن الجانب المشتبه «٤»

ذمّ التوسّط

قال كشاجم:

وقالوا عليك وسيط الأمور ... فقلت لهم أكره الأوسطا

إذا لم أكن في ذرا شاهق ... ولا في حضيض وطيء المطا «٥»

وحاولت في مرتقى هائل ... توسطه خفت أن أسقطا

وقيل ممّا يستقبح: معنى وسط ومغن وسط ونادرة وسط وحقيقة الوسط ما لم يكن سنيا ولا دنيئا، كما قال أبو مهدية الأعرابي، وقد سئل عن طعام، فقال: ليس بخسيس ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>