للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحثّ على الحنث وكفّارة اليمين

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيرا له منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. وقال أبو العيناء: أتي بابن أبي خالد الذي كان بالسند بين يدي المتوكل، فقال: والله لأضربنه بالسياط، والله لا يشفع فيه أحد إلا ضربت ظهره وبطنه.

وكان ابن أبي دؤاد حاضرا فتركه حتى ضربه عشرين سوطا، ثم قال يا أمير المؤمنين في هذا أدب وإن تجاوزت فسرف. فقال له: أما سمعت يميني، فقال: بلى ولكن ما كان أمير المؤمنين ليؤثر غيظه على ما قال نبيه وابن عمه صلوات الله عليه وعلى آله، قال: من حلف على شيء فرأى خيرا منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، وكفارة أمير المؤمنين مع العفو أقرب إلى الله وأفضل، فعفا عنه وكفّر عن يمينه.

سأل بعض الناس بعض الخلفاء حاجة، فقال: حلفت أن لا أفعل. فقال يا أمير المؤمنين: إن لم تكن حلفت بيمين إلا بررتها فما أحب أن أكون أوّل من يؤثمك وإن كنت ربما حلفت فرأيت ما هو خير منها فكفرتها، فلست أحب أن أكون أهون إخوانك عليك، فقال سحرتني وقضى حاجته.

[الإستثناء في اليمين]

قال بعضهم لرجل يحلف: قل إن شاء الله فإنه يدفع الخبث ويذهب الحنث وينجز الحاجة ويدرأ اللجاجة. كانت العرب تسمي الاستثناء في اليمين التحليل والمثنوية على ذلك، قال الشاعر:

تحلّل أبيت اللعن في قول آثم

وقال:

وإذا حلفت مماريا فتحلّل «١»

وقال تعالى: تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ

«٢» .

وقال النابغة:

حلفت يمينا غير ذي مثنويّة «٣»

وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: إن الاستثناء بعد تراخي الأزمان يصح وكان المنصور دعا أبا حنيفة يوما، فقال الربيع وكان يعاديه هذا: أبو حنيفة يخالف جدك حيث يقول إذا استثنى الرجل في يمين بعد يوم جاز استثناؤه، فقال أبو حنيفة: يا أمير المؤمنين هذا الربيع يزعم أنه ليس لك بيعة في رقبة جندك، قال: كيف؟ قال:

يحلفون لك ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون، فتبطل أيمانهم، فضحك المنصور، وقال:

يا ربيع إياك وأبا حنيفة، فلما خرجا قال الربيع: كدت تشيط بدمي، فقال أبو حنيفة: أنت أردت أن تشيط بدمي فحصنت نفسي وإياك.

<<  <  ج: ص:  >  >>