للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكذب، فقال: كان أحمق، من الحسن الكذب. إن الكذوب من يكون متحفّظا.

[النهي عن سماع الكذب]

قيل: أجعل قول الكذّاب ريحا لتستريح، وقال أبو تمّام:

ومن يأذن إلى الواشين تسلق ... مسامعه بألسنة حداد «١»

وقالوا: نزّه سمعك عن سماع الكذب، كما تنزّه لسانك عن التفوّه به.

[ما أجيز فيه الكذب]

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلّ كذب مكتوب، إلا كذب الرجل في الحرب، فإنها خدعة، أو كذب المرء بين الرجلين ليصلح بينهما، أو كذبه لامرأته ليرضيها.

وقيل لفيلسوف: متى يحمد الكذب؟

قال: إذا قرّب بين المتقاطعين. قيل: فمتى يذمّ الصدق؟ قال: إذا كان غيبة.

أتى معاوية رضي الله عنه بلصّ، فقال زياد: أصدق. فقال الأحنف: الصدق أحيانا معجزة.

قال الشاعر:

الصدق أفضل ما نطقت به ... ولربّما نفع الفتى كذبه

وقال آخر:

طلبنا النفع بالباطل ... إذا لم ينفع الصدق

[جواز التعريض]

أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفا «٢» أبا بكر عام الهجرة، فقيل لأبي بكر: من هذا قدّامك؟

قال: رجل يهديني السبيل، تعريضا بأنه يهديني سبيل الحق.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: للرجل الذي سأله ممّن أنت؟ فقال: من ماء، وما حكى الله من قول إبراهيم عليه السلام أني سقيم، وقوله: فعله كبيرهم هذا فاسألوهم وما روي عنه أنه قال عن امرأته هذه أختي كل ذلك تعريض. وقيل في قوله تعالى: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ

من معاريض الكلام ولم يكن قد نسي ما عهد عليه «٣» .

وقال عمر: في المعاريض مندوحة عن الكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>