للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب المحبة والبغض ومضرتهما ونفعهما]

روي في الخبر أن الله إذا أحب عبدا ألقى محبته في الملأ، فلا يمرّ به أحد إلا أحبه.

وقالت عائشة رضي الله عنها: جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.

وقال يحيى بن خالد: إذا كرهتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه وإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه.

[كون المبغض معيبا]

قيل لما أراد أنوشروان «١» أن يصير ابنه ولي عهده استشار وزراءه فكلّ ذكر عيبا:

فقال بعضهم: إنه قصير وذلك لا يصلح للملك. فقال أنوشروان محتجا له، إنه لا يكاد يرى ألا راكبا أو جالسا.

فقال آخر: إنّه ابن رومية، فقال: الأبناء ينسبون إلى الآباء وإنما الأمّهات أوعية.

فقال الموبذ: إنّه مبغض إلى الناس، فقال: حينئذ هذا هو العيب. فقد قيل إن من كان فيه خير ولم يكن ذلك الخير محبّة الناس له فلا خير فيه، ومن كان فيه عيب ولم يكن ذلك العيب بغض الناس فيه، فلا عيب فيه.

وقال الأحنف يوما: فقير صدوق خير من غنيّ كذوب. وقال بعض مجالسيه:

ووضيع محبّب، خير من شريف مبغّض. فقال الأحنف: هذه مثل هذه.

[وصف بغيض]

قيل: فلان لا تحبّه النّاس حتى تحبّ الأرض الدم، وذلك لأن الأرض لا تشرب الدم.

قال الشاعر اليتامي:

يا بغيضا زاد في البغض على كلّ بغيض ... أنت عندي قدح اللباب في كفّ المريض «٢»

وقال آخر:

رمينا بأقلى من جهنّم منظرا ... وأقبح آثارا من الحدثان «٣»

وأكره في الأبصار من طالع الردى ... وأنحس آثارا من الدبران «٤»

وقال آخر:

ولو أن ذا فضل لجا في حرامه ... لجاء نفيل في الحرام يزاحمه

وقد مرّ من ذلك كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>