للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنتني حانيات الدهر حتّى ... كأنّي خاتل أدنو لصيد

قربت الخطو يحسب من رآني ... ولست مقيدا أنّي بقيد

وهذا من قول شيخ مرّ به غلام فقال: يا عمّاه قد قصر قيدك، فقال: تركت الذي قيّدني يقتل قيدك.

وقال ديك الجن:

نهنهت الخمسون من شدّتي ... وضيقت خطوي بعد اتساع «١»

وأتحفتني خورا ظاهرا ... وكنت قبل الشيب عين الشّجاع «٢»

تعترف النفس ببعض القوى ... فأمسك النفس ببعض الخداع

أذكر إنسان التي فوقها ... والموت قد يودي بمن في الرّضاع

وكان أبو محلم لما كبر ينشد:

إذا ما امرؤ أحصى ثمانين حجّة ... وعاش، تشكّى كلّ عضو ومفصل

وقد أحسن القائل:

قالوا أنينك طول اللّيل يسهرنا ... فما الذي تشتكي قلت الثّمانينا

[المشيب مؤذن بالموت]

قيل: المشيب تمهيد الحمام وتاريخه وعنوانه ورائده ونذيره. وقيل: الشيب مقوّض الخيام ومقيض الحمام. وقيل: هو أول مواعيد الفناء وقيل: هو واعظ نصيح ومنذر فصيح.

وقيل: هو لمحة من لمحات المنون ونوبة من نوب الدهر الخؤون. وقيل: في قوله تعالى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ

«٣» والنذير الشيب.

وقيل: إذا ضحك الشيب في القذال «٤» بكت الحياة للزوال.

ونظر حكيم إلى شيبه فقال أرى شيبة قد أينع ثمرها وحان قطافها.

وأظرف ما قيل في ذلك قول منصور:

من شاب قد مات وهو حيّ ... يمشي على الأرض وهو هالك

لو كان عمر الفتى حسابا ... لكان في شيبه فذالك

وقال:

الشيب والموت مقرونان في قرن

ونظر فضيل إلى رجل قد وخطه الشيب فقال: اتّق الله فإنّ الموت قد غرز أعلامه في

<<  <  ج: ص:  >  >>