ودخل الشعبيّ على أبي عمرو فتطاولا، ثم قال الشعبي: أعندك تحفة؟ فقال: نعم، أي التحفتين أحب إليك، أتحفة إبراهيم أم تحفة مريم. فقال: تحفة إبراهيم عهدي بها الساعة يعني اللحم. ولكن ائتني بتحفة مريم فأتاه بالرطب. وقيل لأعرابي: ما تشتهي؟
فقال: حرف جردق وعرق مرق.
وقال بعض أهل الكوفة: دخل عليّ جعيفران، فقال له: هل من طعام؟ فقلت: سلق بخردل، فقال: فاشتر بطيخا، فقلت للجارية: قدّمي الطعام واذهبي فاشتري بطيخا، فقدمت الطعام وذهبت وتباطأت، فقال جعيفران:
سلقتنا وخردلت ... ثمّ ولّت وهرولت
وأراها بواحد ... وافر الأير قد خلت
فخرجت في طلبها، فإذا بالسائس قد خلا بها في الدهليز كما وصف.
الاحتجاج للتطفّل والتبجّح به
عوتب طفيلي، فقال: كلكم طفيليون لكنكم تجهلون أنكم تؤدون الأعمال من غير أن تدعوا إليها، وسواء تطفل على طعام أو على تمنية.
وقال طفيلي، وقد عوتب: قد تطفل بنو إسرائيل على الله فقالوا ربنا أنزل علينا مائدة من السماء، وقيل لطفيلي: لا يحلّ لك أن تأكل من طعام لم تدع إليه، فقال: هذا خلاف قول الله تعالى، حيث قال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ
«١» إلى قوله: وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ
«٢» إلى قوله: أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ
«٣» وقد قال الله عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
«٤» .
وقال طفيلي: إن لم أدع ولم أجىء وقعت وحشة، ثم أنشد:
نزوركم لانكفائكم بجفوتكم ... إن المحبّ إذا لم يستزر زارا
وقال آخر:
لا أرى التطفيل إلا ... في فتى حرّ كريم
وقال علي البصري:
أحسن الإخوان إن خفت ... من الإخوان جفوه
طرحك الحشمة عنهم ... وتجي من غير دعوه
وقال آخر:
قد أتيناك زائرين خفافا ... وعلمنا بأنّ عندك فضله