للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن نباتة:

كلّما يفضل الكاف فضول

[التحذير من طول الأمل وقرب الأجل]

كم من مستقبل يوما ليس بمستكمله ومنتظر غدا ليس من أجله، ولو رأيتم الأجل ومروره لأبغضتم الأمل وغروره. وكان الحسن رضي الله عنه إذا نعى له دنيوي، يقول:

شقي والله ما بقيت له الدنيا ولا بقي لها، ولو ظهرت الآجال لافتضحت الآمال. من جرى في عنان أمله عثر لا شك في أجل. كم منية جلبت منية.

[بقاء الأمل وازدياده مدة بقاء الأجل]

قيل:: الآمال لا تنتهي والحي لا يكتفي. وقيل: المرء ما دام حيا خادم الأمل. وفي الخبر: يهرم ابن آدم ويشب معه إثنان الحرص والأمل. أخذه المتنبي، فقال:

وفي الجسم نفس لا تشيب لشيبه ... ولو أنّ ما في الوجه منه حراب «١»

يغيّر منّي الدهر ما شاء غيرها ... وأبلغ أقصى العمر وهي كعاب «٢»

وقيل للمسيح: ما بال المشايخ أحرص على الدنيا من الشبان، فقال: لأنهم ذاقوا من طعم الدنيا ما لم يذقه الشبان.

حاجة الحيّ لا تنقطع

قال الله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ

«٣» قيل معناه: يكابد مضايق الدنيا ما دام حيا بعضهم. وحاجة من عاش لا تنقضي، وقال عبدة بن الطبيب:

والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل

وأنشد ذلك عمر رضي الله عنه، فأخذ يكرره ويعجب من صحة تقسيمه. وقال آخر:

النّفس لا تنقضي مآربها

وقال آخر:

والمرء تواق إلى ما لم ينل

وقال الموصلي:

المرء ما عاش لا يزال له ... في نفسه حاجة يطالبها

وقال لبيد:

إذا المرء أسرى ليله خال أنّه ... قضى عملا والمرء ما عاش عامل «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>