قال النبي صلى الله عليه وسلم: لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال:
فإن لم تجد فيه، قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد فيها. قال: أجتهد برأيي. وأراد معاوية رضي الله عنه أن يستعمل عبد الرحمن بن خالد فقال: كيف تعمل؟ قال: اعمل برأيك ما لم يجاوز الحزم فإن جاوزه عملت برأيي، فولّاه.
حثّ الحاكم على الصّلح فيما يشتبه
كتب عمر رضي الله عنه، إلى معاوية: عليك بالصلح ما لم يبن فيه فصل القضاء، وكتب إلى أبي موسى الأشعري: الصلحجائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا. وصالح ابن الزيات عاملا على مال فطالبه به فقال: أظلم وتعجيل؟ فقال ابن الزيات: أصلح وتأجيل؟
من قطع الحكومة بالتهوّر
ولي أعرابيّ ناحية فخطب: ألا أني لا أوتي بظالم ولا مظلوم إلا أوجعتهما عقوبة، فتعاطى رعيته بينهم الأنصاف ولم يترافعوا إليه في حق ولا باطل حذرا من عقوبته، وكان بعض الولاة إذا اشتبه عليه حكم، حبس الخصمين حتى يصطلحا. ويقول: دواء اللبس «١» الحبس.
من عارض الحاكم في حقّ إدعاه عليه حتى أدركه منه
قال ابن الزيات «٢» لرجل ادعى عليه في مجلس الحكم وقال: غصبني وكيلك ضيعة لي وحازها إلى أرضك. فقال ابن الزيات: تحتاج فيما تقوله إلى شهود وبينة وأشياء كثيرة.
فقال الرجل: الشهود هي البينة وأشياء كثيرة هي منك فأمر برد ضيعته، وناظره رجل في شيء فقال له: أخرج من داري. فقال: ما هي بدارك إنما هي دار أمير المؤمنين وأنت عبده فقال: نعم هي لأمير المؤمنين فأخرج منها صاغرا «٣» ، فقال الرجل: قد بذلها أمير المؤمنين للعامة وجعلها مجمع الخصوم ومنصف المظلوم فلا أبرح إلا بنصفة، فقال:
صدقت وأنصفه.
وتظلّم رجل من وكيل كسرى بأنه أخذ ضيعة له فقال له كسرى: قد أكلت ارتفاعها أربعين سنة فدعه يأكله سنتين، فقال الرجل: فسلم ملكك إلى بهرام «٤» جور يأكله سنة فقد أكلته سنين كثيرة، فأمر بضرب رقبته فقال: أيها الملك دخلت بمظلمة وأخرج بمظلمتين فأمر برد ضيعته وأرضاه، وادعى رجل على آخر بحضرة قاض فطالبه بالشاهدين وقال: