للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اعتذار هارب زعم أن هربه نبوة أو قدر]

قال شاعر:

أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا

ولم تبد منّي نوبة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا

قال عبد الله بن غلفاء:

وليس الفرار اليوم عارا على الفتى ... إذا عرفت منه الشجاعة بالأمس

وسمع بعض الفرس قول الشاعر:

ألم تر أن الورد عرّد صدره ... وحاد عن الدعوى وضوء البوارق «١»

فقال: عذره أشدّ من ذنبه فمن قصّر عن إمساك مركوبه كيف يرجى منه أن يهزم جماعة عدوّه، قال نعيم التميمي:

فإن يك عارا يوم فلج أتيته ... فرادى فذاك الجيش قد فرّ أجمع

قال ثعلبة الباهلي:

فلا تعذلاني في الفرار فإنّني ... فرارى لمّا قد فرّ قبلي عامر

فإن لم أعوّد نفسي الكرّ بعدها ... فلا وألت نفسي عليها أحاذر «٢»

وقال الوليد لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: مالك جفوت عثمان رضي الله عنه؟ فقال: أبلغه أني لم أفر يوم أحد ولا تخلفت يوم بدر. فأخبرته بذلك. فقال: أمّا فراري يوم أحد فقال يعيرني به وقد عفا الله عنّي حيث يقول: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا

«٣» ولقد عفا الله عنهم. وأما تخلفي يوم بدر فإني كنت أمرّض بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ماتت. أخبره عنّي بذلك.

[المتفادي من حضور الحرب]

قيل لبعضهم لم لا تغزو؟ فقال: إني أكره الموت على فراشي فكيف أسعى إليه برجلي. ورأى المعتصم في بعض منتزهاته أسدا فنظر إلى رجل أعجبه زيه وقوامه وسلاحه فقال له: أفيك خير؟ فعلم الرجل مراده فقال: لا. فقال: لا قبّح الله سواك وضحك.

واجتاز كسرى في بعض حروبه برجل قد استظل بشجرة وألقى سلاحه وربط دابّته.

فقال له: يا نذل نحن من الحرب وأنت بهذه الحالة، فقال: أيها الملك إنما بلغت هذا السن بالتوقي، فقال: زه وأعطاه مالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>