للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخباز البلدي يعاتب من كثر سقيه:

يسارقني في كل دورين حبّة ... ألا إن قيراط النبيذ كثير

من ترك الشّرب بخلا ورياء

قال شاعر:

ما حرم الخمر ولكنّه ... يتركها بقيا على حاله

يشربها في بيت إخوانه ... ويظهر التوبة من ماله

وقال آخر:

وما أن حرموا المطبوخ نسكا ... ولكن دققوا فيه المعيشه «١»

وفاحت رائحة الشراب عند وال فأمسك قوم بأنوفهم، فقال الوالي: ما أطيب ريحها وإني لأشتهيها لولا تحريمها، فنظر فإذا الذي أمسك على أنفه كل متهم. وحدثني أبو بكر الكرجي، قال: كان بالكرج قاض ظريف فدخل عليه نصراني يوما يعبق منه طيب ورائحة خمر، وكان عنده جماعة من العدول فضم أحدهم على أنفه، وكان متهما بالشراب، فلما خرج النصراني، قال: أخزى الله هذا الخبيث دخل وكأنه جيفة، فقال القاضي: ردوه فردوه، فقال لعدلين عنده تشمما هل تجدان رائحة كريهة، فقالا: لا، إنا لنجد منه رائحة كرائحة الجنة طيبا، فقال: اشهد أني قد جرحت هذا البارد فما يعدو حاله كذبا أو حمقا وجهلا، وكلتا الحالتين تنافيان العدالة. وما أصدق القائل:

قد يشتم الخمر قوم يكلفون بها ... وقد يسبّ بنيه الوالد الحدب «٢»

وقال بعضهم:

تركوا النّبيذ وشمّروا أثوابهم ... ومشوا رويدا لاختلاس الدّرهم

من ترك الشّرب خوفا من السّلطان

قال أبو نواس لمّا نهاه الأمين عن الشرب:

أعاذل بعت الجهل حيث يباع ... وأبرزت رأسا ما عليه قناع

نهاني أمير المؤمنين عن الصّبا ... وأمر أمير المؤمنين مطاع

ولهو لتأنيب الأمين تركته ... وفيه للاهي منظر وسماع

من حدّ في شربها

سمع أبو خرابة رجلا يقول وهو مجلود: من رآني فلا يشرب النبيذ، فقال: في إستك

<<  <  ج: ص:  >  >>