للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فأنشد:

حاسبونا فدقّقوا ... ثم منّوا فأعتقوا

وسمع أعرابي ابن عباس يقرأ قول الله تعالى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها

«١» . قال: والله ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها، فقال ابن عباس: خذوه من غير فقيه. ولقي يحيى عيسى عليهما السلام فعبس هذا وتبسم هذا، فقال: هذا لهذا مالك عابس كأنك قانط، وقال: هذا لهذا مالك ضاحك كأنك آمن، فأوحى الله تعالى إليهما: أن أحبكما إليّ أحسنكما ظنا بي. وقيل لرجل: كم تكون تاركا للتوبة؟ فقال:

رأيت الله تعالى وصف قوما فقال: وآخرون اعترفوا بذنوبهم إليّ عسى الله أن يتوب عليهم، وعسى من الله واجب. فقيل له: قد قال الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ

«٢» الآية وقال عمر بن عبد العزيز لعمر بن علقمة: أخاف عليك النار، فقال: لكني لا أخافها قال لم، قال لأن الله تعالى يقول: لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى

«٣» ، وأنا صدقت وأقبلت.

وقال أبو نواس:

يا كثير الذنب عف ... والله من ذنبك أكبر

وقال بعضهم: يا رب حجّتي حاجتي ووسيلتي فاقتي.

الحثّ على الجمع بين الرّجاء والخوف

قال الله تعالى في صفة المؤمنين: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ

«٤» وقال أمير المؤمنين: خف الله خوفا ترى أنك لو أتيت بحسنات أهل الأرض لم تقبل منك، وأرجه رجاء ترى أنك لو أتيت بسيئات أهل الأرض غفرها لك. وقيل: أرج إذا خفت وخف إذا رجوت، وكن كالمرأة الحامل ليس رجاؤها أن تلد ولدا ذكرا بأكثر من خوفها أن تلد أنثى.

وقال بعض الصالحين: لو أنزل الله كتابا إني معذب رجلا واحدا لخفت أن أكون، أو أنه راحم رجلا واحدا رجوت أن أكونه ولو أنزل الله أنه معذبي ما ازددت إلا اجتهادا لئلا أعود على نفسي بلائمة. وقال رجل لابنه: خف الله خوفا لا يمنعك من الرجا، وأرجه رجاء لا يمنعك من الخوف، فالمؤمن له قلبان يرجوه أحدهما ويخافه الآخر، وقال:

أنا بين الرجاء والخوف منه ... واقف بين وعده والوعيد

وقال أبو نواس:

لا تحظر العفو أن كنت أمرءا حرجا ... فإن حظركه بالدّين إزراء

<<  <  ج: ص:  >  >>