فلما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم صبيحة رابع مهل ذي الحجة، أمرهم أن يحلوا، فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: الحل كله وقال أيضا: لولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم ولكن لا أتحلل من حرام حتى يبلغ الهدي «١» محله.
النيابة في الحجّ
روي أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع إن يستمسك على راحلته، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال: نعم، قالت: أفينفعه ذلك، قال: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أما كان ينفعه؟ قالت: نعم فقال صلّى الله عليه وسلّم:
ودين الله أحق أن يقضى.
وروى ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع رجلا يلبي عن شبرمة فقال: ومن شبرمة؟
قال: أخ لي أو قريب لي، قال: وهل حججت عن نفسك؟ قال: لا قال: هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمتك.
كيفيّة حجّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم
اختلفت الصحابة في حجّ النبي صلّى الله عليه وسلّم فمنهم من قال أفرد، ومنهم من قال قرن، ومنهم من قال تمتّع. والصحيح هو الأول عند الشافعي رضي الله تعالى عنه لما روى جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مكث تسع سنين لم يحجج، ثم أذن في الناس بالحج، فخرج وأحرم صلّى الله عليه وسلّم ينتظر القضاء، ولم ينو أحد بهما فلما دخلنا مكة وسعينا بين الصفا والمروة نزل عليه القضاء بأن من ساق الهدى فليقم على إحرامه، ومن لم يسق فليجعلها عمرة.
وروى أنس رضي الله عنه أنه قرن، فقال نافع: دخلت على ابن عمر فأخبرته بما قال فقال: رحم الله أنسا، إن أنسا كان يتولج على النساء متكشفات الرؤوس لصغره في ذلك الوقت وأنا كنت تحت ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصيبني لغامها أسمعه يلبّي بالحج، وقال صلّى الله عليه وسلّم:
لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة.
الإهلال بالحجّ وتقبيل الحجر والوقوف بعرفة
جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما بر الحج قال: العج والثج، فالعج الإهلال والثج النحر، وقال صلّى الله عليه وسلّم إن الله يحب الشعث الغبر والثجاج والعجاج. وكان عمرو بن معد يكرب يقول: الحمد لله لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا نقول:
لبيك تعظيما إليك عمرا ... نغدو بها مضمرات شزرا «٢»
قد تركوا الأوثان خلوا صفرا