للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذمّ من يتكلّف إدراك ما لا يدركه

ذكران قصارا كان يعمل على شاطىء نهر وكان يرى كركيا يجيء كلّ يوم فيلتقط من الحمأة دودا ويقتصر في القوت عليه. فرأى يوما بازيا قد ارتفع في الجو فاصطاد حماما فأكل منها بعضا وترك في موضعه البعض وطار فتفكر الكركي في نفسه. وقال:

مالي لا أصطاد الطيور كما يصطاد وأنا أكبر جسما منه. فارتفع في الجو وانقض على الحمام، فأخطأه فسقط في الحمأة فتلطخ ريشه ولم يمكنه أن يطير فأخذه القصار وحمله إلى منزله فاستقبله رجل فقال: ما هذا قال: كركي يتصقر. وكان المتنبي ألم بهذا المعنى في قوله:

ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى

وفي المثل:

- أطرق كرى أن النعام في القرى ونحو ذلك قول يربوع:

- بخست بيربوع لتدرك دارما ... ضلالا لمن منّاك تلك الأمانيا

وقد تقدّم ذلك.

[الحكم بين فاضل ونذل]

سئل أبو العيناء عن رجلين فقال: وما يستوى البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج. وسئل أبو ثور عن حماد بن زيد بن درهم وحماد بن سلمة بن دينار فقال: بينهما في القدر ما بين جديهما في الصرف، وقال أعرابي: فلان يدعي الفضل على فلان ولو وقع في ضحضاح معروفة لغرق شاعر. وهل يقاس ضياء الشمس بالقمر! قال محمد بن منادر:

ومن يجعل الوجه مثل القفا ... وعالية الرّمح كالسّافل

وفي المثل:

مذكية تقاس بالجذاع «١»

وفيه: ليس قطا مثل قطي وقال سبيع التميميّ:

أسوّيك بالمرء الذي لست مثله ... وكيف يسوّى صالح القوم بالرّذل

<<  <  ج: ص:  >  >>