للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدّ الثامن عشر في الملابس والطّيب

(١) الرّخصة في إجادة الملبس وعذر فاعله دينا ودنيا

قال الله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

«١» وقال تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ

«٢» وقال صلّى الله عليه وسلّم: إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويكره البؤس والتباؤس.

وبعث ملك الروم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم جبّة ديباج فلبسها ثم كساها عثمان واشترى صلّى الله عليه وسلّم جبة بثمانين ناقة. وكان الحسن يلبس ثوبا بأربعمائة درهم وفرقد السنجي كان يلبس المسوح، فلقيه الحسن فقال: يا أبا سعيد ما ألين ثوبك، فقال الحسن: يا فريقد ليس لين ثيابي يباعدني من الله ولا خشونتها تقرّبك منه، إن الله جميل يحب الجمال.

وكان سعيد بن المسيّب يلبس الحلّة بألف درهم ويدخل المسجد ويقول: أجالس ربّي. ودخل الوليد بن يزيد على هشام وعليه عمامة وشي، فقال: بكم أخذتها؟ قال:

بألف درهم. قال: عمامة بألف درهم؟ قال: إني أخذتها لأشرف أعضائي، وأنت أخذت جارية بألف دينار لأخسّ أعضائك.

وقال ابن عباس: كل ما شئت وألبس ما شئت ما أخطأك اثنتان: إسراف ومخيلة. وقيل:

مروءتان ظاهرتان: الرياش والفصاحة. وقيل: المروءة الظاهرة الثياب الطاهرة وأنشد:

إذا النّفر السود اليمانون حاولوا ... له نسج برديه أدقّوا وأوسعوا

الحثّ على تغطية سوء الحال بإجادة الثّياب

قال بعض الحكماء: كن أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مآلا فالكريم من كرمت عند الخصاصة «٣» خلّته، واللئيم من لؤمت عند الحاجة طعمته.

وكان بعض القرشيين إذا اتسع لبس أرثّ ثيابه وإذا افتقر لبس أحسنها ويقول: إذا اتسعت تزيّنت بالهبة، وإذا افتقرت تزينت بالهيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>