قال حكيم: من أحب الثناء فليصبر على بذل العطاء وليوطن نفسه على الحقوق المرة على احتمال المؤونة.
وقال شاعر:
ما أعلم النّاس أن الجود مكسبة ... للحمد لكنّه يأتي على النّشب «١»
وقال:
أي أحدوثة تحب فكنها
[فضل استقبال الإنسان بممادحه]
خياركم من ملئت مسامعه من حسن الثناء وهو يسمع وشراركم من ملئت مسامعه من قبح الثناء وهو يحذر. وقال خالد بن سالم دخلت عليّ أسامة بن زيد فأثنى عليّ ثناء حسنا، ثم قال لي: إنما حملني على أن أمدحك وجهك لأني سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: إذا مدح الإنسان في وجهه ربا الإيمان في قلبه، وقال رجل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إني أحب أن أمدح، فقال: وما عليك أن تعيش حميدا وتموت فقيدا. وروي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: ما أحد أحب إليه المدح من الله عزّ وجلّ فقد مدح نفسه وأمر العباد بمدحه.
[كراهية ذلك]
سمع النبي صلّى الله عليه وسلم رجلا يثني على آخر فقال: قطعت مطاه «٢» لو سمع ما أفلح. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: المدح ذبح. وقيل إن الإطراء يدعو إلى الغفلة. ولما جرح عمر رضي الله تعالى عنه أثنى عليه الناس، فقال: المغرور من غررتموه لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع. وقيل: استحياء الكريم من المدح أكثر من استحياء اللئيم من الذم. وأثنى رجل على هشام بن عبد الملك فقال: إنا نكره المدح، فقال: لست أمدحك ولكني أحمد الله فيك.
[استحسان المدح بين الإخوان واستقباحه]
قيل: إذا قدم الإخاء سمج الثناء.
قال كشاجم:
ومستهجن مدحي له إن تأكدت ... لنا عقد الإخلاص والحقّ يمدح
وما بي الذي في القلب إلا تبيّنا ... وكلّ إناء بالذي فيه يرشح «٣»