للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذمّ المشتغل برزق مستقبل الزّمان

قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: لا تجعل همّ يومك لغدك فإن غدك إن كان من أجلك يأتي الله برزقك. وقيل: إذا طالبتك نفسك برزق غد فقل هاتي كفيلا بالغد.

وقال شاعر:

إن ربّا كان يكفيك الذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك

وقال آخر:

ولا يكن همّكم في يومكم لغد

وقال آخر:

من كان لم يعط علما في بقاء غد ... ماذا تفكره في رزق بعد غد

[النهي عن النظر إلى من هو فوقه]

روي في الخبر: أنظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري بنعمة الله. وقال الضحاك: خصلة من وفّق لها وفق لحظة من نظر في دنياه إلى من هو دونه فاستكثر قليل ماله.

[نهي ذوي عيال عن الاهتمام برزقهم]

شكا رجل إلى الشبلي عياله، فقال: له إرجع إلى بيتك، ومن لم يكن منهم رزقه على الله فأخرجه من دارك. وقيل لرجل كان كثير الحاشية: لو أخرجت بعضهم لكان يكثر مالك، فهمّ بذلك فرأى ليلة في المنام كان العيال الذين همّ بإخراجهم يدخلون بيته ويخرجون دقيقا يحملونه، فسألهم عن حمل ذلك فقالوا هذا رزقنا نخرجه من دارك إلى من يتكفل بنا، فانتبه وعلم خطأ عزمه فقارّهم وزاد لكل منهم.

مدح من لا يدّخر

أتى عمر رضي الله عنه بمال فقال: له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لو حبست من هذا المال في بيت المال شيئا لنائبة، فقال: كلمة ما عرض بها إلا شيطان لقنني الله حجتها ووقاني فتنتها، أأعصي الله العام مخافة القابل «١» أعد لهم تقوى الله، قال تعالى:

ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ولتكونن فتنة على من بعدك.

قال النابغة:

ولست بخابىء لغد طعاما ... حذار غد، لكلّ غد طعام «٢»

وأخذه الآخر فقال:

إن كان عندك رزق اليوم فاطرحن ... عنك الهموم فعند الله رزق غد

<<  <  ج: ص:  >  >>