للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأمون يتكىء على صبية تقوده، فلما قام المأمون قام ثم رجع، فرجع سلمويه إلى حضرته واتكأ على تلك الصبية، فقال للمأمون: هذه الصبية كانت بكرا وخرجت من عندي الساعة وعادت ثيبا فاستخبرها «١» ، فقالت: إن العباس ابن أمير المؤمنين دعاني إلى نفسه لما خرجت فافتضني، فقال له المأمون: وكيف علمت ذلك؟ فقال: كنت أخذت مجستها فوجدتها قوية ثم جسستها فوجدت نقصانها فعلمت ذلك، فتعجب المأمون من حذقه ونحو ذلك في التنجيم.

[حديث الفيلسوف]

الذي كان ينام على سرير فنام عليه ذات يوم فأنكره وقال: إما أن تكون السماء قد انحدرت أو الأرض قد ارتفعت، فتأمّل فإذا قد جعل تحت قائمة السرير شيء ارتفع به عن الأرض.

ومن الحذق البيّن ما حكي أن عمرو بن الليث زلقت رجله فانخلعت إحدى فخذيه فنام على الفخذ الوجعة واستحضر المجبرين، وجعل يعرض على واحد واحد الفخذ الصحيحة ويئن إذا مست، وكان يقول: بهذا نختبرهم إلى أن حضر المعروف بابن المغازلي فلما جسها أنّ عمرو، فقال ابن المغازلي: ما هذه الجلبة ما بك من قلبة، وإن فخذك أصح من فخذ الظليم. فعرض عليه الفخذ الأخرى فقال أما هذه فنعم، فعلم عمرو أنه حاذق، فقال: إن مداواتها صعبة لأنها تحتاج إلى إشالة الرجل وأنا استسمج ذلك ولكنني أحتال له، فعمد إلى زق فوضعه بين رجلي عمرو وشد إبهامي رجليه بعضهما إلى بعض وجعل ينفخ في الزق وهو يربو وينتفخ ويرتفع الفخذ بانتفاخه إلى أن امتد الزق ورد العضو إلى موضعه، ثم حل الإبهامين وشده إلى أن برأ.

وقال رجل: توجّعت من رجلي مدة وتداويت بكل دواء فلم ينفع فرأيت طبيبا فوصفت ذلك له، قال: انظر فلعل إحدى ركابيك أطول من الآخر فتأملت فإذا هو كذلك، فأصلحته فزال الوجع السري.

قال الكندي:

أحيا لنا علم الفلاسفة الذي ... أودى فأوضح رسم طب عاف «٢»

فكأنه عيسى بن مريم ناطقا ... يهب الحياة بأوهن الأوصاف

يبدو له الداء الخفيّ كما بدا ... للعين رضراض الغدير الصافي «٣»

وله:

كأنّه من لطف تدبيره ... يجول بين الدم واللحم

<<  <  ج: ص:  >  >>