يأتيني شريف بوضيع لم يعرف شرفه إلا عاقبته ولا هل بحدث لم يعرف فضل سنه إلا عاقبته ولا عالم بجاهل عنته إلا عاقبته، فإنّما الناس أشرافهم وذوو سنهم وعلماؤهم، ووجد في كتب العجم أنّ بازيار الأبرويز أطلق شاهينه «١» على طائر فاخطأه فانقض على عقاب تراءت له فضربها ضربة أبان رأسها من جسدها، فأخذ البازيار الشاهين والعقاب وأتى به الملك ليعلمه بفعل الشاهين رجاء أن يسرّه بذلك وينال به مالا، فلما أخبره أخذ الشاهين من البازيار فقطف رأسه ثم التفت إلى وزرائه وأوليائه وقال يتكايدني أن أرى يدا دنيئة تسلّطت على يد رفيقة.
[وضيع يتعرض لرفيع لعجزه]
قال الأعشى:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
قال كشاجم:
تبارزني ونفسك من رصاص ... وهل يبقى على النّار الرصاص «٢»
[من افتخر بما ليس عنده]
قيل لأبي عبيدة: أن الأصمعي قال: بينا أبي يساير سلم بن قتيبة على فرس قال أبو عبيدة: سبحان الله المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زورو والله ما ملك أبوه دابة إلا في ثوبه. وقيل فخر البغي يخدج زينتها فلان يفخر بغير نداه ويبجح «٣» بما في بطن سواه، قال طاهر بن الحسين:
محارب يفرحون بعزّ قيس ... كما فرح الخصيّ بمن يقود
وقيل: تجشّى لقمان من غير شبع. وقيل: ليس هذا بعشك فادرجي. وقيل: من فاته الدين والمروءة فرأس ماله العصيبة والتبجح بمال غيره، ورؤي رجل من نظارة السباق وقد سبق فرس وهو يظهر النشاط وفرط السرور والابتهاج، فقيل له أهو لك فقال: لا ولكن لجامه لي. وللمتنبي في نفي المفاخرة بما لغيره عن نفسه:
وما أسرّ بما غيري الحميد به ... ولو حملت إليّ الدّهر ملآنا
وقال الأجدع الهمداني وهو مما يتمثل به فيمن يتبجح بفعل لم يفعله بعد:
وكيف افتخار القوم قبل لقائهم ... إلا أن ما بعد اللقاء هو الفخر
[الموصوف بأنواع من المعائب]
سئل بعضهم عن رجل فقال: هو غث في دينه، قذر في دنياه، رثّ في مروءته سمج