سئل حكيم عن الزهد، فقال: أن لا تطلب المفقود حتى تفقد الموجود. وقيل:
ظلّف النفس عن الشهوة. وقال سفيان: هو قصر الأمل لا أكل الغليظ ولبس العباء.
وقال يونس بن حبيب: هو ترك الراحة. وسئل الجنيد عنه، فقال: خلو الأيدي من الأملاك وخلو القلب من التتبع. وسئل مرة، فقال: ترك ما في الدار على من في الدار.
وذكر الزهد عند الفضيل، فقال: هو حرفان في كتاب الله تعالى: لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم. وهذا يوافقه قول من قيل له من الزاهد؟ فقال: من لم يغلب الحرام صبره ولا الحلال شكره.
وسئل الجنيد رحمه الله عمّن لم يبق عليه من الدنيا إلا مقدار مص نواة، فقال:
المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
وقال يحيى: الزاهد هو الذي بلغ من حرصه في تركها حرص الحريص في طلبها.
وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: الزهد ثلاثة، زهد فرض وذلك في الحرام وزهد فضل وذلك في الحلال وزهد سلامة وذلك في الشهوات.
وقيل: أصل القناعة والزهد اليقين، فمن أيقن قنع وزهد وقال ذو النون: الزهد الاستخفاف بثلاثة أشياء بالنفس والشيء والخلق فإذا استخف بالنفس عزّ به وإذا استخف بالشيء ملكه، وإذا استخف بالخلق خدمه. اليقين ترك التدبير فيما لا تملك. الحرص طلب ما في يد الغير. وقيل: الحرص تضييع الكثير وطلب القليل.
حقيقة التوكّل ووصفه
قيل: التوكل هو الاعتماد على الحقّ والتخلّي من الخلق. وقيل: الاستسلام لما قضى. وقيل: الثقة بالله فيما ضمن. وقيل: الاكتفاء بضمانه وإسقاط التهم في قضائه.
وقيل للحارث ما علامة المتوكل؟ فقال: أن لا يحركه إزعاج المستبطىء فيما ضمن له من رزقه، فقيل له: هل ينقص من توكله قصده من يسد جوعته، فقال: لا، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم خرج فلقيه أبو بكر وعمر، فقال: ما الذي أخرجكما، قالا الجوع، فقال: أخرجني الذي أخرجكما، فدخلوا منزل أبي الهيثم فأكلوا وشربوا.
وقيل: التوكّل الانقطاع إلى الله تعالى في إيصال النعماء ودفع البلاء، ثم تلا قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
«١» .
خيّر يوسف عليه السلام بين خصلتين، فاختار إحداهما، فقيل له: اخترت فتركناك مع اختيارك فبقي في السجن ما بقي.
ذمّ المال
قال الله تعالى: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
«٢» وقال المسيح عليه السلام: لا خير