فلم يدر أدعا له أم دعا عليه. ولما أنشد النابغة النعمان قوله:
تخفّ الأرض ما غبت عنها ... ويبقى ما بقيت به ثقيلا
غضب، وقال: لا أدري أمدحني أم هجاني؟ فأتى زهير فأخبره فقال حق له أن يغضب ولكن قل بعده هذا البيت:
أظنّك مستقرّ العزّ منها ... فتمنع جانبيها أن تزول «١»
فأتاه فأنشده ذلك فرضي، وقال: أما الآن فنعم.
من قصّد مديحا، فاتّفق منه هجو
جاء شعرور إلى زبيدة «٢» فمدحها فقال:
أزبيدة بنت جعفر ... طوبى لزائرك المثاب
تعطين من رجليك ما ... تعطي الأكفّ من الرغاب
فوثب إليه الخدم ليضربوه فمنعتهم، وقالت: إنه قصد مدحا وأراد ما يقول الناس شمالك أجود من يمينه، فظنّ أنه إذا ذكر الرّجل كان أبلغ وقد حمدنا ما نواه وإن أساء فيما أتاه.
ومدح شاعر أميرا فقال:
أنت الهمام ابن الهما ... م الواسع ابن الواسعه
فقال: من أين عرفتها قال قد جرّبتها، فقال: أسوأ من شعرك ما أتيت به من عذرك.
[شاعر مغلوب بشعر ركيك]
أتى أبو الشمقمق بشّارا «٣» فقال: يا أبا معاذ أعطنا شيئا وصل إليك من السلطان، فقال: أتسألني وأنا شاعر؟ فقال: نعم إني مررت بالصبيان وهم يقولون:
إنّما بشّار فينا ... مثل تيس في سفينه
فرفع مصلاه عن ثمانمائة درهم وأعطاها له، وقال له: لا تكن راوية للصبيان بعد هذا.