لما عاد الحجاج من محاربة الخوارج قال: اطلبوا لي فاضلا أخرجه إلى عبد الملك، فأتوه برجل دميم المنظر حسن المخبر، فلما رآه عبد الملك استبشع منظره فاستنطقه فملا أذنه صوابا، فتعجب منه عبد الملك وأنشد متمثلا:
وإن عرارا أن يكن غير واضح ... فإني أحبّ الجون ذا المنكب العمّ «١»
فقال: يا أمير المؤمنين أتدري لمن هذا الشعر؟ قال: نعم هو لعمرو بن شاس في ابنه عرار فقال: أنا عرارابته فتعجب عبد الملك من مطابقة القول الحال فأمر له بمال وأوصى به إلى الحجاج وكلّم علي بن الهيثم عمر رضي الله عنه في حاجة وكان أعور دميما فلما تكلم فأحسن، صعّد عمر رضي الله عنه فيه النظر وصوّبه وقال: لكل أناس في جميلهم خبر:
ألم تسل الفوارس من سليم ... بنضلة وهو موتور يشيح «٢»
رأوه فازدروه وهو خرق ... وينفع أهله الرّجل القبيح
فلم يخشوا مصالته عليهم «٣» ... وتحت الرغوة اللبن الصّريح
واستعان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه برجل كريه المنظر فوجده حسن المخبر، فقال: ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا. وقال بعضهم: فلان دميم الخلق كريم الخلق ولئن أمرّت «٤» أوراقه لقد حلا مذاقه.
تفاوت أخلاق النّاس
الناس أشكال وشتّى في الشيم ... وكلّهم يجمعهم بيت الأدم «٥»
الناس في اختلافهم في خلقهم كاختلافهم في خلقهم قال شاعر:
وتفاضل الأخلاق إن حصّلتها ... في النّاس حسب تفاضل الأجناس
قال غيره:
الناس أخلاقهم شتّى وإن جبلوا ... على تشابه أرواح وأجساد
قال خالد بن صفوان: الناس أخياف منهم من هو كالكلب لا تراه الدهر إلا هرارا «٦» على الناس، ومنهم كالخنزير لا تراه الدهر إلا قذارا، ومنهم كالقرد يضحك من نفسه. وقال