رجله فقطعت بالمنشار ولم يمسكه أحد، فقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. ثم قدم قوم من عبس على الوليد وفيهم ضرير، فقال: نزلت ليلة في بطن واد ولا أعلم في الأرض عبسيا أكثر ما لامني، فطرقنا سيل ذهب بأهلي، ومالي غير بعير ومولود، فند البعير فتبعته، فسمعت صرخة الولد فرجعت، فإذا الذئب قد أكله، فرجعت للبعير وتعلقت بذنبه، فحطّم وجهي فأعماني فأصبحت لا أهل ولا مال ولا عين. فقال الوليد: خذوا بيده إلى عروة ليتسلّى به.
وقال رجل لقوم عزاهم: ما منكم بدأت ولا إليكم انتهت، وعكس ابن الرومي فقال:
ليس تأسو كلوم غيري كلومي ... ما به ما به وما بي ما بي
وقال فيلسوف: لئن كنت تبكي لنزول الموت بمن أنت له محب، فلطالما نزل بمن كنت له مبغضا. وقال أفلاطون لرجل رآه مغموما: لو أحضرت قلبك ما فيه الناس من المصائب لقل همك.
الحثّ على التسلّي بموت النبي عليه السلام
قال صلّى الله عليه وسلّم: من أصابته مصيبة فليذكر مصيبته بي.
قال ديك الجن:
تأمّل إذا الأحزان فيك تكاثفت ... أعاش رسول الله أم ضمّه القبر
رئي على قبر:
تعزّ فكم لك من أسوة ... تبرّد عنك غلل الحزن
بموت النبي وقتل الوصيّ ... وذبح الحسين وسمّ الحسن
التسلّي بأنه معزّى لا معزّى به
قال بعضهم: لا زلنا نعزّيك ولا نعزّي بك، وقال أبو فراس:
كن المعزّى لا المعزّى به ... إن كان لا بدّ من الواحد
لا بد من فقد ومن فاقد ... هيهات ما في النّاس من خالد
وقال المتنبّي:
مهما يعزّ الفتى الأمير به ... فلا بإقدامه ولا الجود «١»
ومن منانا بقاؤه أبدا ... حتى يعزّى بكلّ مولود «٢»