اعتذار طالب رئاسة تعذّرت عليه
قال رجل عند معاوية: عجبا لعليّ كيف طلب الخلافة؟ فقال معاوية: اسكت فما كان في خطبتها، إلا كما قال الشاعر:
لئن كان أدلى دلوه فتعذّرت ... عليه وفاتت رائدا فتخطّت
فما رغبة عنه تخطّت حباله ... ولكنّها كانت لآخر حطّت
وقيل لرجل خطب ولاية من أمير: ما ولّاك الأمير؟ فقال ولّاني ظهره وأعطاني منعه وحماني نفعه. وربّ ساع لم يدرك المنى، وحال بينه وبين مطلوبه القضاء.
[مدح الإمارة والرخصة في الولاية]
روي أن رجلا ذمّ الإمارة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: نعم الشيء الإمارة، لمن أخذها بحقها.
وقال بعضهم: لولا الحظ في الولاية لما قال نبيّ الله يوسف عليه السلام لكافر:
إجعلني على خزائن الأرض أني حفيظ عليم. وقال بزرجمهر: أغبط الناس الملك الحازم المظفر. وقيل: حبّذا الإمارة ولو على الحجارة. وقيل لبعضهم: ما السرور؟ قال: رفع الأولياء وحطّ الأعداء، وطول البقاء مع القدرة والنماء.
وقيل لآخر: فقال اللواء المنشور، والجلوس على السرير، والسلام عليك أيها الأمير.
مدح الاشتغال وذمّ الفراغ
قيل: العطلة موت الحال، وطالت عطلة دينار ثم عرض عليه شغل، فشاور الموبذ في ذلك، فقال: اعلم أن العطلة سكون، والحياة حركة، فإن استطعت أن تخرج من حيز الأموات إلى حيز الأحياء فافعل.
وقيل: إذا كان الشغل مجهدة فالفراغ مفسدة. وقال أكثم: ما يسرني أني مكفي كل أودي. فقيل له: ولم؟ قال: أكره طاعة العجز وذلك أن مع الكفاية العجز والبلادة، ومع الحاجة الفطنة والشهامة.
ذمّ الولاية والتزهيد فيها
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمّه العباس رضي الله عنه: يا عمّ نفس تحييها خير من إمارة تحصيها.
وقال صلى الله عليه وسلم: ستحرصون على الإمارة ثم تكون حسرة وندامة يوم القيامة. فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة.
ولما ولي أبو بكر رضي الله عنه خطب الناس فقال: أن أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك. فرفع الناس رؤوسهم، فقال: ما لكم إن الرجل إذا صار ملكا زهّده الله