[من لم يتحاش من اليمين ولم يبال له]
حلف مديني على حقّ كان قبله، فقيل له في ذلك، فقال: بالله أدفع ما لا أطيق، وأخذ ذلك ابن الرومي فقال:
وإنّي لذو حلف كاذب ... إذا ما اضطررت وفي المال ضيق
وهل من جناح على معسر ... يدافع بالله ما لا يطيق
ويقال في المثل: جذها جذ العير الصليانة إذا أسرع في اليمين، كأنه اقتلعها اقتلاع العير هذا النبت. جاءت امرأة بزوجها إلى ابن شبرمة فحلف لها، فلما ولي أنشد:
ألم تعلمي أني جموح عنانه ... وأنّي لا أعدي عليّ أمير «١»
محوت الذي في الصكّ عنّي بحلفة ... سيغفرها الرحمن وهو غفور
فسمعها الحاكم فردّه، فعلم الأعرابي أنه أخطأ، فقال: أيها الحاكم أنت أفضل من أن ترجع في قضيتك، فقال: صدقت ولكنني أقضي عنك، وقضى عنه. قال البحتري:
سألوني اليمين فارتعت منها ... ليغروا بذلك الارتياع «٢»
ثم أرسلتها كمنحدر السّيل ... تهاوى من المكان اليفاع «٣»
وكان الشمّاخ عليه دين فقعد به، فقيل له: إنك تحضر القاضي وتحلف فتروع لذلك، فقال: حاش الله أن أحلف، ولو سيم مني باطل فكيف وعليّ حق لازم، فاغتر خصمه فأحضره وحلفه فحلف وخرج من عند الحاكم، فقال:
وجاءت سليم قضّها بقضيضها ... تنفض حولي بالبقيع سبالها
يقولون لي إحلف قلت لست بحالف ... أخادعهم عنها لكيما أنالها
ففرّجت همّ النفس عنّي بحلفة ... كما قدّت الشقراء يوما جلالها «٤»
وقال أعرابي:
إذا حلّفوني بالغموس منحتهم ... يمينا كسحق الألحمي المحرق «٥»
وإن حلّفوني بالعتاق فقد درى ... سحيم غلامي أنني غير معتق «٦»
قال ابن المعتز بودي لو أن لي بيت الخثعمي بألف بيت:
وآلت يمينا كالزجاج رقيقة ... وما حلفت إلا لتحنث من أجلي