للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: لا يغرّنكم الإملاء فإن الإملاء من الإستدراج، والله تعالى يقول: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

«١» . وكتب أيضا إلى عامل له لا تغتر بتأخير العقوبة من الله فإنّما يعجل خائف الفوت.

عتب طالب الرّخص

قال الأصمعي: من التمس الرخص من الإخوان عند المشورة ومن الأطباء عند المرض ومن الفقهاء عند الشبهة تاه وازداد سقما واحتمل وزرا. وقيل: إذا رأيت الزاهد يتروح إلى طلب الرخص فاعلم أنه قد بدا له في الزهد.

[تفضيل المذنب الخائف على الورع المعجب]

الورع الوقوف مع الشرع. وقال بعضهم: الورع ترك ما حاك في صدرك. وقال بعض الصالحين: ضحك العبد وهو مشفق من ذنبه خير من بكائه وهو مدل بربه.

وقال أبو سليمان الداراني: ما عمل داوود عملا خيرا من خطيئته ما زال خائفا منها حتى لحق بربه، وقال مطرف: لأن أبيت نائما وأصبح نادما خير من أن أبيت قائما وأصبح معجبا. وقال القاسم بن محمد الصوفي: إذا كان الرجل لجوجا معجبا برأيه مماريا فقد استكمل الخسارة.

وقال رجل ليحيى بن معاذ: متى أتهم قلبي؟ قال إذا فارقه الخوف. وقال الخلدي:

سألت الجنيد عن الظرف، فقال: أن تعمل لله ولا ترى أنك عملت.

وقال عاجلة في قوله تعالى: يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ

«٢» يخاف أن لا يقبل منهم. وقال الحسين الحلاج: من نظر إلى العمل حجب عمن عمل له ومن نظر إلى من عمل له حجب عن رؤية العمل.

التّوقّي من الصّغائر

قال علي كرم الله تعالى وجهه: إياكم ومحقرات الذنوب فإن الصغير منها يدعو إلى الكبير. وقيل: من العود إلى العود ثقلت ظهور الحطابين ومن الهفوة إلى الهفوة كثرت ذنوب الخطائين. وقال بعض الأسديين:

ألا من لنفس بالذّنوب رهينة ... قليل على مسّ العذاب اصطبارها

كفى سقما بالمرء يا أم عاصم ... ركوب المعاصي عامدا واحتقارها

وسقط من يد بعض الصالحين دينار فوجده في الحال، فلم يأخذه، وقال لعله غير ديناري. وكان عمر أتي بالعشاء فأطفأ السراج، وقال: لا آكل على سراج العامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>