وأسرق مال الله من كلّ فاجر ... وذي بطنة للطيّبات أكول
وقالوا: اللص أحسن حالا من الحاكم المرتشي، والقاضي الذي يأكل أموال اليتامى.
[التجسير على التلصص]
قال عثمان الخياط: جسّروا «١» صبيانكم على المحارجات «٢» وعلّموهم الثقافة وأحضروهم ضرب الأمراء أصحاب الجرائم لئلا يجزعوا إذا ابتلوا بذلك وخذوهم برواية الأشعار من الفرسان وحدّثوهم بمناقب الفتيان وحال أهل السجون، وإياكم والنبيذ فإنها تورث الكظة «٣» وتحدث الثقل وتدعو إلى البول والنوم ولا سيما بالليل ولا بد لصاحب هذه الصناعة من جراءة وحركة وفطنة وطمع، وينبغي أن يخالط أهل الصلاح ولا يتزيّا بغير زيّه.
إستعمال الظرف في التلصّص
حكي عن عثمان الخياط أنه إنما سمّي خياطا لأنه نقب على أحذق الناس وأبعدهم في صناعة التلصّص، وأخذ ما في بيته وخرج وسدّ النقب كأنه خاطه. فسمّي بذلك.
وحكي أنه قال: ما سرقت جارا وإن كان عدوا، ولا كريما، ولا كافأت غادرا بغدره.
وقال لأصحابه إضمنوا إليّ ثلاثا أضمن لكم السلامة. لا تسرقوا الجيران، واتقوا الحرم ولا تكونوا أكثر من شريك مناصف، وإن كنتم أولى بما في أيديهم لكذبهم وغشّهم وتركهم إخراج الزكاة وجحودهم الودائع.
وخرج سليمان وكان من أجلد هذه العصابة ليلة بأصحابه إلى دار بعض الصيارفة فاختفوا فلما أرادوا الإنصراف، قال بعض أصحابه: دعنا نقم على مفارق الطرق لنأخذ من بعض المارّة نفقة يومنا. فقال: على أن لا تبطشوا بهم فقالوا: وهل يفعل ذلك إلا الجبان.
فبينما هم كذلك إذ مرّ شاب ذو هيئة فلما قرب سلّم عليهم فردّ عليهم بعضهم السلام فقام إليه بعضهم فقال رئيسم دعه فإنّه سلّم ليسلم، وأجابه بعضكم فصار له ذمّة بذلك. قالوا:
فنخلي سبيله. قال: أخاف عليه غيركم ليذهب مع ثلاثة يوصلونه إلى منزله ففعلوا. فلما بلغ دفع لهم مالا وقال لأحوطنكم بمالي وجاهي لما عاملتموني به. فلما عادوا بالدراهم، قال رئيسهم: هذا أقبح من الأول تأخذون مالا على قضاء الذمام والوفاء بالعهد لا أبرح أو تردّوا إليه المال، فقالوا: قد افتضحنا بالصبح فقال لئن نفتضح بالصبح خير من تضييع الذمام، وقال ما خنت ولا كذبت منذ تفتّيت «٤» .