لمّا دخل الفضل بن يحيى الرقّة، قال لو كلائه: أحصوا منزل من يغنيه ألف درهم فاحصوا ثلاثمائة منزل فوجه إليهم ثلاثمائة ألف درهم، ثم وضع له الطعام، فقال: ما أكلت طعاما أهنأ منه اليوم، وقد علمت أني أغنيت ثلاثمائة بيت.
قال أبو تمّام:
لو يعلم العافون كم لك في النّدى ... من لذّة وقريحة لم تحمد «٢»
وقال زهير:
تراه إذا ما جئته متهلّلا ... كأنّك تعطيه الذي أنت سائله
وقال الأعشى:
يرى البخل مرّا والعطاء كأنّما ... يلذّ به عذبا من الماء باردا
وقال أبو تمّام:
ونغمة معتف يرجوه أحلى ... على أذنيه من نغم السّماع
وقال معاوية يوما لجلسائه: ما بقي من لذاتكم؟ فقالوا: ضروب من القول، فقال ذلك لوردان مولى عمر، فقال: النظر في وجه كريم أصابته من دهره جائحة فاصطنعت إليه، فقال معاوية: أنا أحق بهذه منك، فقال: أحق بها من سبق إليها وأنت أقدر عليها فافعل.
ودخل هشام بن عروة على المنصور، فشكا إليه دينا، فأعطاه عشرة آلاف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال من أعطى عطية وهو طيب النفس بورك للمعطي والمعطى منها، أفنفسك طيبة بها، قال: نعم.
[من اشتغاله بالعطاء]
قال بعضهم:
فتى لا تراه الدهر إلا ونفسه ... تجود بخير أو تهمّ بخير