للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانصراف إلى دارك أتدلج «١» علي؟ فقال: نعم، فكان يفعل ذلك به. فلما كان ذات يوم قتل بعض الخوارج صاحب شرطة زياد، فأمر زياد أن يقتل من في الحبس من الخوارج وكان مرداس خارجا، فقال أهله: اتّق الله في نفسك فإنّك مقتول إن رجعت، فقال: ما كنت لألقى الله غادرا وهذا جبار ولا آمن أن يقتل السجان فرجع، وقال للسجّان:

تساقط «٢» إليّ ما عزم صاحبك عليه من قتل أصحابنا فبادرت لئلا يلحقك مكروه، فقال السجّان: خذ أي طريق شئت فانج نجّاك الله.

الوفيّات من النساء

قال أبو عبيدة: لم تف امرأة لزوجها إلّا قضاعيتان نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان رضي الله عنه، وذلك أنه خطبها معاوية لما قتل عثمان فدعت بفهر «٣» ، فقلعت ثنيتها «٤» وقالت: أني رأيت الحزن يبلى فلم آمن أن يبلى حزنى فتدعوني نفسي إلى التزوّج وامرأة هدبة فإنها حين قتل زوجها قطعت أنفها وكانت حسنة الأنف لئلا يرغب فيها.

قلّة الوفاء في النّاس ووصف عامّتهم بالغدر

قال تعالى: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ

«٥» وكان يحيى بن خالد إذا اجتهد في يمينه يقول: لا والذي جعل الوفاء أعز ما يرى. وكان يقول هو أعز من الوفاء، وقيل لحكيم أي أصناف الناس أقل وفاء فقال أهل الأمانة والوفاء.

قال موسى العلوي:

وخان الناس كلّهم ... فلا أدري بمن أثق

قال المتنبّي:

غيري بأكثر هذا الناس ينخدع ... إن قاتلوا جبنوا أو حدّثوا شجعوا

أهل الحفيظة إلا أن تجرّبهم ... وفي التجارب بعد الغيّ ما يزع «٦»

قال أبو فراس:

بمن يثق الإنسان فيما ينوبه ... ومن أين للحرّ الكريم صحاب

وقد صار هذا الناس إلا أقلّهم ... ذئابا على أجسادهنّ ثياب

وله:

أبغي الوفاء بدهر لا وفاء له ... كأننّي جاهل بالدّهر والنّاس

<<  <  ج: ص:  >  >>