وقال الحجّاج لبعض الدهاقين «١» من الريّ ما بال بلدكم قد خرب؟ فقال: لأن عمالكم استعملوا فيها قول شاعركم:
لا تكسع الشول بأغبارها ... إنّك لا تدري من الناتج «٢»
واصبب لأضيافك ألبانها ... فإنّ شر اللبن الوالج
النّهي عن المقاطعة
قبل المأمون السواد من إسحاق بن إبراهيم سنين، فانقضت قبالته «٣» فسأله أن يجددها. فجلس المأمون فقال أيها الناس أني قبلت السواد من إسحاق ثلاث سنين وانقضت، وسأل أن أقبله ثلاثا مستأنفة فهل له من شاك أو متظلم؟ فقام شيخ فقال يا أمير المؤمنين إن الله تعالى جعلنا في يدك أمانة ولم يجعلنا قبالة فإن رأيت أن تقبلنا من أحد فافعل. فقال: لا قبلت بعد هذا. وقيل المقاطعة تقطع.
الحثّ على مراعاة أهل الخراج
قال زياد: أحسنوا إلى أهل الخراج فانكم سمان ما سمنوا. قال جعفر بن يحيى:
الخراج عمود السلطان، وما استفزر بمثل العدل ولا استنزر بمثل الجور.
[نفع الأنصاف وكونه سبب العمارة]
. قيل: لا يكون العمران حيث يجور السلطان. وقال عمرو بن العاص: سلطان عادل خير من مطر وابل، وعدل قائم أجدى من عطاء دائم، وسبع حطوم خير من وال غشوم.
عدل السلطان خير من خصب الزمان.
وكتب عامل إلى عمر بن عبد العزيز: إن مدينتنا قد خربت. فقال: اعمرها بالعدل ونظّف طرقها من الظلم والسلام.
وقال أنوشروان: حصّن المملكة بالعدل، فهو سور لا يغرقه ماء ولا تحرقه نار ولا يهدمه منجنيق. ورفع إلى كسرى أن مع فلان مالا عظيما يرجح على ما في بيت المال، فوقّع: ماله مالنا وخصب الزمان خصبنا.
[محافظة الطرق]
كان المنصور يقول: لا أبيت على تضييع الطريق فهو قوام الملك، ولا على إذلال حاكم فهو عزّ الملك. وقال بزرجمهر «٤» : عزّ الملك بأربعة أشياء: حراسة منازل الرعية في الأمصار،