القرية: ائته بالماء.
وقال ابن يزيد لشراعة: ما تقول في الماء؟ قال: هو الحياة ويشركني فيه الحمار، وقيل: ليس للماء قيمة لأنه لا يباع إذا وجد ولا يبتاع إذا فقد، وسمي الماء نفسا في قوله:
أتجعل النفس التي تدير ... في مسك شاة ثم لا تسير
ووصفه آخر فقال: هو مزاج الروح وصفاء النفس وقوى البدن، ومن فضيلته أن كل شراب وإن رقّ وصفا وعذب وحلا فليس يعوّض منه بل يطيب بممازجته ويعذب بمخالطته.
قيل للنظام: ما لون الماء؟ قال: لون إنائه وإذا بعد قعره تصوّر أسود. وقيل: الماء من جنس الهواء وكل واحد منهما يستحيل إلى الآخر لما بينهما من المناسبة ولا لون لهما.
وقيل: بعث ملك الروم إلى معاوية بقارورة فقال: اجعل فيها من كل طعام وشراب شيئا فلم يدر، فقال ابن عباس: اجعل فيها الماء، فإن الله تعالى يقول: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ
«١» ، فلما أتى به ملك الروم، قال: هذا فعل رجل من بيت النبوة. وقال الله تعالى: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ
«٢» فلم يذكره بأكثره مما في خليقته من السلامة من التغير الداخل عليه. وقال تعالى: هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ
«٣» ، وهذا ملح أجاج.
قال شاعر:
مواقع الماء من ذي غلّة صادي «٤»
وقال بعض البلغاء في وصفه: وما ظنكم بشراب إذا ملح وخبث أنبت العنبر وولد القار، والماء لا يغذو ولا يرى من اغتذى به، واستدلوا على ذلك بأن لك سيّال إذا طبخ انعقد إلا الماء. وعلى قياسه قالوا: لا ينعقد في الجوف إذا طبخته الكبد، وإذا لم ينعقد لم ينبت منه لحم ولا عظم.
[جريان ماء الأودية]
قال ابن طباطبا:
يا حسن وادينا ومدّ الماء ... يختال في حلية دكناء «٥»
فصبحه يفترّ عن مساء ... في صخر عال وفي ضوضاء
يحكي رغاء النّاقة الكوماء ... ترى به مناطح الظّباء «٦»
جماء قد شدت إلى قرناء «٧»