للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعضهم: فقر في سفر، وقال بعضهم: مرض في غربة. فقال: أشدّ من ذلك عزل مع نكبة.

وكان ليوسف ابن عمر جارية حظيّة، وكانت على رأسه، فأتاه كتاب فلمّا قرأه تغيّر لونه، فقالت: أيها الأمير هذا كتاب عزل. قال كيف دريت؟ قالت: لتغيّر في وجهك قلما عهدته. وقد كان يعزل عنها خوف الحبل، فقالت: كيف أجزت العزل لي وهذا طعمه؟ فقال: إذا لا أعاود ذلك.

[من لم يبال بالعزل]

قال زياد: إن الأحنف قد بلغ من الشرف ما لا تنفع معه الولاية ولا يضرّه العزل، وقال أحمد بن طاهر:

ما وضع العزل منك قدرا ... ولا تعالى عليك وفرا

وقال ابن طباطبا:

لقد سرّني أن الصيانة وفّرت ... عليك بعزل كان فيه رضاكا

[تسلية معزول]

أراد الرشيد أن يعزل الفضل بن يحيى عن خاتمه ويصيّره إلى أخيه جعفر، فكتب إليه: قد رأى أمير المؤمنين أن ينقل خاتمه من يمينك إلى شمالك، فأجابه الفضل: ما انتقلت عنّي نعمة صارت إليك، ولا خصصت بهادوني.

قال ابن المفجع:

لم يعزلوا الأعمال عنه وإنّما ... عزلوا العفاف به عن الأعمال

وقال أبو تمام:

وما كنت إلا السيف جرّد للوغا ... فأحمد فيه ثم صار إلى الغمد «١»

ونحوه، ما كتب به بعضهم: ما عزلت عن الديوان ولكن عزل عنك. فأنت المهنأ وهو المعزّى. وقد كنت محتاجا إلى العزل ليعرف الجور من العدل. قال: وإن العزل غاية كل وال. قال أبو هفان:

لأنت في العزل على غضّه ... أنبل من غيرك في الأمر

وقال آخر:

وكلّ نار لها اتّقاد ... لا بدّ يوما لها خمود «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>