تحضر الحكماء فأخطئهم في معاونتهم إياك على قتل أبيك حتى لا يجرؤا على مثله فيك، وأن تستحضر لي نساء الكبار لأشتفي بالبكاء عليه، وأن تأذن لي في حضور المكان الذي مات فيه مرة فقال كلّ ذلك لك. فلما خطأتهم، وبكت عليه، وحضرت المكان الذي مات فيه أخرجت فصا مسموما فمصّته فماتت مكانها، وكانت قد عمدت إلى سمّ فوضعته في بعض الخزائن وكتبت عليه: إن من تناول منه وزن دانق أعانه على الجماع فلما ظفر به تناول منه فمات في مكانه.
المتزّوج منهما بعد موت الآخر
ماتت امرأة لرجل وكان عاهدها أن لا يتزوج بعدها فخطب امرأة في جنازتها فعوتب في ذلك فقال:
خطبت كما لو كنت قد متّ قبلها ... لكانت بلا شك لأوّل خاطب
إذا غاب بعل جاء بعل مكانه ... ولا بدّ من آت وآخر ذاهب
ومات زوج امرأة فراسلها في ذلك اليوم رجل يخطبها فقالت: هلا سبقت فإني قد قاولت غيرك. فقال: إذا مات الثاني فلا تفوّتيني.
ذمّ التطليق وشدّته
قال صلّى الله عليه وسلّم: ما من حلال أبغض إلى الله من الطلاق، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ما خلق الله شيئا أحب إليه من العتاق، وما خلق الله شيئا أبغض إليه من الطلاق. وروي عنه أيضا: لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لا يحب الذوّاقين والذوّاقات. وقال عمر لرجل طلق امرأته: لم طلقتها؟ قال: لا أحبها. فقال: أكلّ البيوت بنيت على الحب. أين الرعاية والذمم؟ وقال الشاعر:
وما لذعت أنثى من الدّهر لذعة ... أشدّ عليها من طلاق تزود
[مدح التطليق]
كان الحسن رضي الله عنه مطلاقا وقال: إن الله علق بهما الغنى وتقدّم وقال عامر بن الظرف: أجمل القبيح الطلاق. وأملى أبو العجل خطبة للنكاح فقال: الحمد لله الذي جعل في الطلاق اجتلاب الأرزاق، فقال: وأن يتفرقا يغن الله كلا منه سعته. أوصيكم عباد الله بالسلوة والملالة والتجنّي والجهالة واحفظوا قول الشاعر:
إذهبي قد قضيت منك قضائي ... وإذا شئت أن تبيني فبيني
تعاهدوا نساءكم بالسبّ وعادوهنّ بالضرب، وكونوا كما قال الله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ
«١» ثم إن فلانا في خمول نسبه ونقص أدبه خطب إليكم فازهدوا فيه فرّق الله ذات بينهما وقرّبهما من حينهما.